نام کتاب : تاريخ الآداب العربية في القرن التاسع عشر والربع الأول من القرن العشرين نویسنده : لويس شيخو جلد : 1 صفحه : 311
كان القرن العشرون جيل انتباه ويقاظة لأهل الشرق فأنهم استفاقوا من سنتهم العميقة واستنشقوا رائحة الحرية باختلاطهم مع الشعوب لدى نفوذ الأجانب بينهم ومهاجرتهم إلى أنحاء المعمور فأثر ذلك في أفكارهم وأخذوا يسعون إلى إماطة التمائم التي كانت الدولة العثمانية عوذتهم بها ونزع اللفائف التي كانت قمطت بها حياتهم الروحية. وكان إذ ذاك السلطان عبد الحميد في عز مجده يسوس رعاياه بقضيب من حديد لا يأنف من سفك دماء كل من يحاول النجاة من نيره الثقيل.
ومن مميزات هذا العصر اتساع نطاق العقول بالوسائل الجديدة التي قربت إليها رقيها وأنارت بصائرها وشحذت أفكارها. وأخصها المدارس التي شاعت في نفس القرى فضلاً عن المدن. بينها الجامعات والمدارس العليا والوسطى والابتدائية كان يتقاطر إليها الأولاد من كل طبقات الأهالي حتى الفقراء والوضعاء ففتحت لكثيرين منهم سبلاً جديدة للارتزاق بصفة كتبة وأطباء ومحامين ومهندسين وأصوليين جاروا الغربيين في مضمار الحضارة والتمدن. وخرج بعضهم من الجامعات الأوربية فأتقنوا علومها كسائر الغربيين.
وكذلك عرف الشرقيون ما في الاتحاد من القوة فأخذوا على مثال الغربيين يؤلفون الجماعات الأدبية لتعزيز اللغة العربية ونشر آثارها. لكنها لم تثبت لعدم اتفاق أعضاءها ولنفور الحكومة منها خوفاً على مسيس سياستها.
وقد ساعد على ترقي الآداب العربية في الشرق انتشار الصحافة وتوفر المطابع والمطبوعات فإن عدد العديد من المتخرجين في المدارس تحفزوا للكتابة فأنشئوا من الجرائد السيارة والمجلات عدداً كاد لا يفي به إحصاء سواء كان في الوطن أم في المهجر. وقد بين ذلك جناب الفيكونت دي طرازي في كتابه الممتع عن الصحافة فعدد منها العشرات مع كونه لم ينشر بعدما استجد منها في القرن العشرين وأبرزوا مع المجلات مئاتٍ من المطبوعات في كل علم فن أصبحت المكاتب تضيق عن جمعها. وبين هذه المطبوعات عدد وافر من مخطوطات القدماء كانت ضائعة في زوايا المكاتب استخرجوها من مطاميرها فأتت مساعدة للنهضة الأدبية.
ولعل المستشرقين أصابوا قصبة السباق في هذه الحلبة فإنهم أبرزوا من مكاتبهم تأليف نادرة تهافت على درسها طلبة الآثار القديمة. وقد تنافسوا في نشر هذه الكنوز
نام کتاب : تاريخ الآداب العربية في القرن التاسع عشر والربع الأول من القرن العشرين نویسنده : لويس شيخو جلد : 1 صفحه : 311