نام کتاب : تاريخ الآداب العربية في القرن التاسع عشر والربع الأول من القرن العشرين نویسنده : لويس شيخو جلد : 1 صفحه : 59
انتقل إلى الرهبنة المخلصية. وفي سنة 1763 سقف على قلاية دمشق فعرف بمطران دمشق وقاسى محناً عديدة من قبل المنفصلين إلى أن توفى سنة 1795 في دير المخلص. وكان عالماً غيوراً على إيمانه وله مصنفات دينية. أما بطرس كرامة ابن أخيه فولد في حمص سنة 1774 وفيها نشأ وتأدب وله في مديح أعيانها أقوال حسنة كقوله في الشيخ عبد الرحمن الكزبري:
يا حبَّذا حمصُ التي ... ضاءَت بأعظم نيّر
قد أشرق البدرُ بها ... وبشمس فضل الكزبري
وقال مرتجلاً في الشيخ أمين الجندي الذي مر لنا ذكره:
لله نعمَ مهذب باهت بهِ ... حمص ونور الفضل عنهُ يبينُ
لا غرو إذا فاق البديعَ أنهُ ... شهمٌ على درر البديع أمينُ
ثم قويت شوكة أعداء الملكيين فألحقوا بالكاثوليك ضروب الأذى فاضطر بطرس أن يهجر حمص مع والده متوجهين إلى عكار. وقصد بطرس علي باشا الأسعد حاكم تلك البلاد وامتدحه بالقصائد الحسنة فأجازه ورغب فيه لبراعته ودرايته وحسن أدبه وخطه فاستخدمه في ديوانه ورفع منزلته ورتب له ما يقوم. بكفايته فأقام في خدمته نحو خمس سنوات ثم ذهب إلى لبنان واستوطن الجبل. وأتصل بطرس بنقولا الترك شاعر الأمير بشير فقربه من مولاه سنة 1813 وحظي بطرس عند الأمير الشهابي لما رآه فيه من العلم وجودة للعقل وفصاحة اللسان مع معرفته للغة التركية فعهد إليه بتهذيب ولده الأمير أمين واتخذه كاتباً للأمور الأجنبية لجودة إنشائه. ثم جعله الأمير بشير معتمداً من قبله في التوجه إلى عكا فقام بأوامر سيده أحسن قيام وحصل عنده مالاً كثيراً وجاها وافراً وكان الأمير يحبه ويثق به في جميع أعماله ويعتمد عليه في مهمات أشغاله ولا ينتهي أمراً إلا برأيه. ثم سلمه الأمير تنظيم خزينة الحكومة فوضع لها قوانين استحسنها الشهابي وأمر بإجرائها ثم رفع منزلته وعمله كتخداه فصارت أمور لبنان كلها في يده يدبرها أحسن تدبير. فوقعت هيبته في القلوب وعظمت حرمته وانتشرت شهرته وعلت كلمته وابتنى داراً كبير في دير القمر واقتنى أملاكاً واسعة وكان قد سافر بمعية الأمير بشير إلى الديار المصرية واجتمع بفضلائها وعلمائها وله معهم مفاوضات ومباحثات يطول شرحها. ثم رجع إلى بيت الدين وبقي
نام کتاب : تاريخ الآداب العربية في القرن التاسع عشر والربع الأول من القرن العشرين نویسنده : لويس شيخو جلد : 1 صفحه : 59