نام کتاب : تاريخ الآداب العربية في القرن التاسع عشر والربع الأول من القرن العشرين نویسنده : لويس شيخو جلد : 1 صفحه : 6
الفصل الأول
الآداب العربية في الشرق في بدء القرن التاسع عشر
لما تنفَّس القرن التاسع عشر؟ كانت أحوال أوربَّة في هَرج ومَرج والحروب قائمة على ساق بين دولها فلم تحطَ عن أوزارها إلا بعد نفي بونابرت إلى سنت هيلانة. وكان الشرق راصداً لحركات الدول يتحفَّظ ويتصوَّن من كل سوء يتمهَّده فيستعدُ للحرب ذباً عن حقوقهِ. فكانت هذه الحالة لا تسمح بصرف الفكر إلى العلوم والآداب وقد قيل في مثلِ (أنَّ الحرب والعلم على طرفي نقيض فأن رجيح واحد خفّ الآخر) وممّا نقض حبلَ الآداب في ذلك العهد قلّة المدارس يتخرَج فيها الأحداث فغاية ما كان يُرى منها بعضُ الكتاتيب الابتدائية لا سيما قريباً من أديرة الرهبان وكان في الحواضر كدمشق وحلب والإسكندرية والقاهرة مدارس أعلى رتبة لكنَّها في الغالب كانت محصورة في العلوم الدينيَّة وما يُحتاج إلى إتقانها من المعارف اللسانية كمبادئ الصرف والنحو.
أما الكتب فكانت عزيزة الوجود أكثرها من المخطوطات الغالية الثمن التي لا يحصل عليها إلاَّ القليلون. وكذلك الطباعة العربيَّة كانت إذ ذلك قليلة الانتشار فأنَّ مطبوعات أوربة العربيَّة لم يكن يعرفها إلا الأفراد. من أهل الشرق فضلاً عن أنها كانت موضوعة لمنفعة العلماء أكثر منها لفائدة الدارسين. أما المطبوعات في الشرق فلم يكن يوجد منها إلاَّ في دار السلطنة العليَّة وكانت في الغالب تركيَّة (أطلب مقالتنا في الطباعة. المشرق 3 (1900) : 174 - 180) وفي لبنان كانت مطبعة واحدة عربيَّة وهي مطبعة الشوير وكانت أكثر مطبوعاتها دينيَّة لا مدرسيَّة (الشرق 359:3 - 362) . وأما مطبعة قزحياً فكانت سريانيَّة ولم تتجدَّد إلا بعد ثماني سنوات بهمة الراهب اللبناني سيرافيم حوقا (المشرق 3: 251 - 257) . وكذلك مطبعة حلب التي كان أنشأها البطريرك أثناسيوس دباس (المشرق 3: 355 - 357) فأنَّها كانت بطلت بعد وفاة منشئها سنة 1724. أما مصر فإنها حصلت على أول مطبعة عربية قبل القرن التاسع عشر بثلاث سنوات فقط. فأنَ اللجنة العلميَة التي كانت في
نام کتاب : تاريخ الآداب العربية في القرن التاسع عشر والربع الأول من القرن العشرين نویسنده : لويس شيخو جلد : 1 صفحه : 6