نام کتاب : تاريخ الأدب العربي العصر الجاهلي نویسنده : شوقي ضيف جلد : 1 صفحه : 104
الفصل الرابع: اللغة العربية
1- عناصر سامية مغرقة في القدم 1
أشرنا في غير هذا الموضع إلى أن اللغات السامية تتشابه في كثير من الكلمات والضمائر والأعداد تشابهًا يثبت القرابة بينها، وهو تشابه يفيدنا في معرفة نمو كل لغة من هذه اللغات وتطورها على مر التاريخ حتى تشكلت في صورتها الأخيرة. وقد أبلى علماء الساميات بلاء مشكورًا في الدراسة المقارنة لهذه اللغات من حيث الصيغ والألفاظ والتصريف والإعراب والأصوات، وهي دراسة تفيدنا فائدة جُلَّى في التأريخ لكثير من الظوهر اللغوية ومعرفة قديمها من حديثها. فإن لاحظنا تشابهًا بين لغتين من هذه اللغات في ظاهرة بعينها ورجعنا إلى اللغات الأخرى ووجدنا نفس التشابه؛ كان معنى ذلك أن الظاهرة قديمة وأنها ترتقي إلى العصر الذي كانت هذه اللغات متحدة فيه. وقد يقع التشابه في الظاهرة في لغتين غير متجاورتين؛ فإما أن يرجع إلى أصل قديم، وإما أن يكون ثمرة تطور تاريخي في كل منهما أدّى إلى نفس النتيجة؛ أما إذا كانتا متجاورتين كالعربية والآرامية؛ فإما أن تكون الظاهرة قديمة ترجع إلى أزمان اتحادهما، وإما أن تكون إحداهما تأثرت بالأخرى. ولعل في هذا ما يدل على أن أسلافنا توسعوا أكثر مما ينبغي حين درسوا الدخيل في عربيتنا، فوقفوا عند ألفاظ كثيرة وقالوا إنها سريانية آرامية؛ غير ملتفتين إلى أن طائفة من هذه الألفاظ ترجع إلى الأصل السامي القديم، فلا يقال: إن العرب أخذوها من السريان ولا إن السريان أخذوها من العرب، بل يقال: إنها من الكلمات السامية القديمة التي تداولها الساميون في زمان اتحادهم قبل تفرق لهجاتهم وتطورها إلى لغات.
1 راجع في هذه العناصر كتاب "التطور النحوي للغة العربية" لبرجشتراسر "طبع القاهرة: 1929" والجزء السابع من تاريخ العرب قبل الإسلام لجواد علي ومحاضرات خليل يحيى نامي بكلية الآداب في جامعة القاهرة.
نام کتاب : تاريخ الأدب العربي العصر الجاهلي نویسنده : شوقي ضيف جلد : 1 صفحه : 104