نام کتاب : تاريخ الأدب العربي العصر الجاهلي نویسنده : شوقي ضيف جلد : 1 صفحه : 141
نفى ابن النحاس الأسطورة فقال: "لم يثبت ما ذكره الناس من أنها كانت معلقة على الكعبة"[1].
ونستطيع أن ندخل في هذا الباب باب الأساطير ما يروى عن حماد الراوية من أن النعمان بن المنذر المتوفى سنة 602 للميلاد "أمر فنسخت له أشعار العرب في الطنوج -الكراريس- ثم دفنها في قصره الأبيض؛ فلما كان المختار بن أبي عبيد -حوالي سنة 67هـ- قيل له: إن تحت القصر كنزًا، فاحتفره، فأخرج تلك الأشعار، فمن ثم أهل الكوفة أعلم بالشعر من أهل البصرة2" ويقول ابن سلام: "وقد كان عند النعمان بن المنذر منه -من شعر العرب في الجاهلية- ديوان فيه أشعار الفحول وما مدح هو وأهل بيته به؛ فصار ذلك إلى مروان، أو صار منه"[3] ويكفي أن يكون أصل الخبر حمادًا المتهم في روايته لنشك فيه؛ بل إنه يحمل في أطوائه ما يجعلنا نتهمه، فهو ينتهي عنده إلى تعليله به: كيف أن أهل الكوفة أعلم بالشعر من أهل البصرة، وكأنما ساقه حماد الكوفي لبيان سابقة الكوفة على البصرة في الشعر القديم والعلم به، والمنافسة بين البلدتين في هذا الباب معروفة.
وإذا كان القرآن الكريم على قداسته لم يجمع في مصحف واحد إلا بعد وفاة الرسول، وبعد مشاورة بين أبي بكر رضوان الله عليه والصحابة؛ فذلك وحده كاف لبيان أن العرب لم تنشأ عندهم في الجاهلية فكرة جمع شعرهم أو أطراف منه في كتاب، إنما نشأ ذلك في الإسلام وبمرور الزمن. أما في الجاهلية فكانوا يعتمدون فيه على الرواية وكان الشاعر يقف فينشد قصيدته، ويتلقاها عنه الناس ويروونها. ومعنى ذلك أن النهر الكبير الذي فاض بالشعر الجاهلي إنما هو الرواية الشفوية. وقد ظلت أزمانًا متتالية في الإسلام. ويدل على ذلك أقوى الدلالة أن الحديث النبوي ظل في أغلب أحواله يعتمد على الرواية والمشافهة إلى نهاية القرن الأول للهجرة. وإذا كان الحديث بما له من قدسية لم يعمدوا إلى تدوينه تدوينًا عامًّا إلا بعد مرور [1] انظر معجم الأدباء لياقوت في ترجمة حماد: 10/ 266.
2 راجع الخصائص لابن جني "طبعة دار الكتب" 1/ 392 ومعجم البلدان لياقوت في القصر الأبيض. [3] طبقات فحول الشعر لابن سلام "طبعة دار المعارف" ص 23.
نام کتاب : تاريخ الأدب العربي العصر الجاهلي نویسنده : شوقي ضيف جلد : 1 صفحه : 141