responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تاريخ الأدب العربي العصر الجاهلي نویسنده : شوقي ضيف    جلد : 1  صفحه : 202
في العصر الإسلامي، وكأنما أصبح همّ الهاجي أن يضرب عدوه الضربة القاضية؛ حتى لو كان شريفًا معروفًا بكثرة المناقب كما يلاحظ الجاحظ؛ بل لكأن مناقبه كانت تؤذيهم، فكانوا يلطخونه بالعار ما وجدوا إلى ذلك سبيلًا، ومن ثم لا نعجب حين نجد شاعرًا يزعم أن النعمان بن المنذر لم يولد لرشدة؛ فهو ليس سليل المناذرة؛ إنما هو سليل صائغ بالحيرة، يقول فيه عبد قيس بن خفاف البُرْجمي1:
لعن الله ثم ثَنَّى بلعن ... ابنَ ذا الصائغ الظلومَ الجهولا
يجمع الجيشَ ذا الألوف ويغزو ... ثم لا يرزأ العدو فَتيلا2
وكان النعمان كثير الوقائع في قبائل العرب وخاصة عبد القيس فتعرض له شاعرها يزيد بن الخداق بهجاء كثير يتوعده وينذره ويخيفه، يقول في بعضه3:
نعمانُ إنك خائن خدع ... يُخْفِي ضميرك غير ما تُبْدي
وقصة هجاء المتلمس وطرفة لعمرو بن هند مشهورة
ولم يكن جمهور هجائهم يفرد بالقصائد؛ بل كانوا يسوقونه غالبًا في تضاعيف حماستهم وإشادتهم بأمجادهم وانتصاراتهم الحربية، ولا نبعد إذا قلنا إن الحماسة أهم موضوع استنفد قصائدهم؛ فقد سعرتهم الحروب، وأمدها شعراؤهم بوقود جزل من التغني ببطولتهم وأنهم لا يرهبون الموت؛ فهم يترامون عليه تحت ظلال السيوف والرماح مدافعين عن شرف قبائلهم وحماها. ويرتفع هذا الغناء بل قل هذا الصياح في كل مكان؛ بحيث يخيل إلينا أنه لم يكن هناك صوت سواه، ولعل ذلك ما دفع أبا تمام إلى أن يسمي مجموعته من أشعارهم وأشعار مَن خلفوهم باسم الحماسة؛ فهي التي تستنفد أشعارهم وقصيدهم، وهي ديوانهم الذي يسطر تاريخهم ومناقبهم ومفاخرهم، وهل هناك فخر أعلى من فخر الشجاعة والتنكيل بالأعداء. واقرأ في المفضليات والأصمعيات فستجد هذا الفخر وما يطوى فيه من حماسة يدور على كل لسان، وستجد الشارع فيه يتحدث دائمًا عما تعتز به قبيلته من الأخذ بأوتارها ومن تضييق الخناق على أعدائها، وهو يعدد أيامها مشيدًا بحسبها ونسبها وصبرها في

1 الحيوان: 4/ 379.
2 يرزأ: ينقص، والفتيل: الهنة في شق النواة.
3 المفضليات: ص 296.
نام کتاب : تاريخ الأدب العربي العصر الجاهلي نویسنده : شوقي ضيف    جلد : 1  صفحه : 202
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست