نام کتاب : تاريخ الأدب العربي العصر الجاهلي نویسنده : شوقي ضيف جلد : 1 صفحه : 267
على ذبيان وفيه قتل حذيفة وحمل ابنا بدر، ورثاهما قيس خصمهما رثاء حارًّا، يقول في بعضه1:
شفيتُ النفسَ من حَمَلِ بن بَدْرٍ ... وسيفي من حذيفة قد شفاني
شفيتُ بقتلهم لغليل صَدْري ... ولكني قطعت بهم بَناني
وثأرت ذبيان لنفسها في معركة الجراجر، أو ذات الجراجر. ثم تجمعت ذبيان وأحلافها من تميم وأسد كما تجمعت عبس وعامر، واشتبكت الفئتان في يوم شعب جبلة، وفيه دارت الدوائر على ذبيان وأحلافها؛ إذ أثخنت فيهم عبس وعامر القتل فقُتل لَقيط بن زُرارة التميمي وأسر أخوه حاجب، ولم تلبث ذبيان أن أوقعت بعبس وعامر في يوم شعواء وقعة منكرة. ورأت عبس أن تقف هذه الحروب التي أتت على الأبطال والرجال؛ فأرسلت وفدًا إلى ذبيان يطلب الصلح، ولقي الوفد سيدي بني مرة: الحارث بن عَوْف وهَرم بن سنان؛ فحملا قومهما على الصلح، وتحملا ديات القتلى، ويقال إنها بلغت ثلاثة آلاف بعير. وبذلك وضعت هذه الحروب أوزارها، ويُظَن أنه لم يكتب للنابغة أن يرى انفضاضها؛ فقد توفي قبل ذلك بقليل.
وبينما كانت ذبيان تدير رحى هذه الحروب كانت تدير رحى حروب أخرى مع الغساسنة، وكان يؤازرها أحلافها من بني أسد، ولعل في ذلك ما يدل على أن القبيلتين جميعًا كانتا تدينان بالولاء للمناذرة خصوم الغساسنة؛ فهم يشرعون سيوفهم ويشهرونها في وجوه خصومهم، وكانوا آونة ينتصرون عليهم وآونة ينهزمون وتمتلئ أيدي الغساسنة بأسراهم، مما اضطر النابغة على نحو ما سنرى بعد قليل أن ينزل بالغساسنة ويستعطفهم حتى يردوا إلى هؤلاء الأسرى حريتهم.
وتدل دلائل مختلفة على أن عشائر ذبيان لم تكن دائمًا في وفاق ووئام؛ فهي تتجمع لحرب عبس والغساسنة، ثم تعود فتتناحر داخليًّا، على نحو ما تصور ذلك أشعار بشامة بن الغدير والحصين بن الحمام المري وزبان بن سيار الفزاري والنابغة؛ إذ يشيرون إلى بعض المنازعات بين تلك العشائر وقد يشيرون إلى معارك وقعت بين عشائرها فمن ذلك قول الحصين بن الحمام عقب معركة بين عشيرته بني سهم وبين بني سعد، وفيها انتصر الأولون2:
1 عيون الأخبار3/ 88 والمرزوقي على الحماسة 1/ 203 وسمط اللآلي للبكري 305.
2 المفضليات "طبع دار المعارف" ص 65.والهام: الرءوس.
نام کتاب : تاريخ الأدب العربي العصر الجاهلي نویسنده : شوقي ضيف جلد : 1 صفحه : 267