نام کتاب : تاريخ الأدب العربي العصر الجاهلي نویسنده : شوقي ضيف جلد : 1 صفحه : 270
فقد كان يعطيه المائة من الإبل الموثقة الخلق المذللة كما كان يعطيه القطيع من الخيل، غير الجواري المنعمات. على أن حادثًا حدث اضطره إلى مغادرة بلاط المناذرة والتوجه توًا إلى بلاط الغساسنة؛ إذ أوقعوا بذبيان وأحلافهم من بني أسد وقعة منكرة على أثر تعديهم على وادي أُقر الخصيب، وكانوا قد حموه ومنعوا أن ترتاده القبائل، وارتادته ذبيان وأسد؛ فنكلوا بهما تنكيلًا فظيعًا، وسبوا كثيرًا منهما ومن نسائهما. فألم النابغة ألمًا شديدًا صوره في قوله:
لَقَد نَهَيتُ بَني ذُبيانَ عَن أُقُرٍ ... وَعَن تَرَبُّعِهِم في كُلِّ أَصفارِ1
وَقُلتُ يا قَومُ إِنَّ اللَيثَ مُنقَبِضٌ ... عَلى بَراثِنِهِ لِوَثبَةِ الضاري2
لا أَعرِفَن رَبرَبًا حورًا مَدامِعُها ... كَأَنَّ أَبكارَها نِعاجُ دُوّارِ3
يَنظُرنَ شَزرًا إِلى مَن جاءَ عَن عُرُضٍ ... بِأَوجُهٍ مُنكِراتِ الرِقِّ أَحرارِ4
يُذرينَ دَمعًا عَلى الأَشفارِ مُنحَدِرًا ... يَأمُلنَ رِحلَةَ حِصنٍ وَاِبنِ سَيّارِ5
ووضح أنه يصور نساء ذبيان وقد أسرن، وهن يذرفن الدموع ويتلفتن يمينًا وشمالًا، لعل بطلي قومهما حصن بن عيينة وزبان بن سيار يقدمان بالجيوش؛ فيلخصانهن من ذلك الأسر والعار. وفي بعض الروايات أنه كان بينهن إحدى بناته، وعرض لما صنعت جيوش الغساسنة ببني أسد؛ فقال في قصيدة أخرى مصورًا ما أصابهم من الجهد والبلاء.
لَم يَبقَ غَيرُ طَريدٍ غَيرِ مُنفَلِتٍ ... وَموثَقٍ في حِبالِ القِدِّ مَسلوبِ[6].
أَو حُرَّةٍ كَمَهاةِ الرَملِ قَد كُبِلَت ... فَوقَ المَعاصِمِ مِنها وَالعَراقيبِ7
1 أقر: واد. تربعهم: إقامتهم وقت الربيع. أصفار: شهور الربيع جمع صفر.
2 البراثن. الأظفار. الضاري: متعود الافتراس.
3 الربرب. القطيع من بقر الوحش تشبه النساء به. حورًا: جمع حوراء، وهي العين الجميلة واضحة البياض والسواد. النعاج: إناث البقر. دوار: اسم صنم كن يطفن به في الجاهلية.
4 النظر الشذر: النظر بمؤخر العين. عرض: جانب
5 الأشفار: جمع شفر، وهو هدب العين. [6] القد: شراك كانوا يشدون به الأسير.
7 المهاة: البقرة الوحشية. المعصم: موضع السوار.
نام کتاب : تاريخ الأدب العربي العصر الجاهلي نویسنده : شوقي ضيف جلد : 1 صفحه : 270