responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تاريخ الأدب العربي العصر الجاهلي نویسنده : شوقي ضيف    جلد : 1  صفحه : 29
أهلها بالفرس أعداء بيزنطة؛ فردوا الأحباش وظلوا بها حتى سنة 628م؛ إذ اعتنق باذان عاملهم الإسلام؛ وبذلك ينتهي التاريخ القديم للعرب الجنوبيين.
ولعل في كل ما قدمنا ما يدل على أن عرب الجنوب لعبوا دورًا واسعًا في تاريخ الحضارة العربية القديمة، وكانت حضارتهم عربية صافية لم تأتهم من الخارج؛ بل نمت وتطورت في الداخل؛ إذ كان لهم قوانينهم وأنظمتهم ودساتيرهم، وكان لهم قدم راسخة في عمارة القصور والهياكل وتشييد السدود. وكانوا يؤلهون السيارات الفلكية والنجوم، وأثرت ديانتهم الوثنية في العرب الشماليين؛ إذ يُظن أنهم أخذوا عنهم -كما أخذوا عن الآراميين- عبادة الكواكب، وكانت تقوم على أساس ثالوث هو القمر واسمه عند المعينيين وَدّ، وكان إلههم الأكبر، وتليه الشمس التي اعتبروها زوجه وهي اللات، ومهما ولد عثتر أو العُزي أي الزهرة أو فينوس. وبجانب هذا الثالوث كان عندهم آلهة أخرى ترمز لبعض النجوم أو بعض الطير أو بعض مظاهر الطبيعة، وكانوا يقدمون لها القرابين ويبنون الهياكل ويقوم عليها كهنة ذوو نفوذ كبير. ويظهر أنه كان لهم أدب ديني كثير؛ إلا أن الإسلام قضى عليه كما قضى على الأدب الوثني في الشمال. وقد حملوا مع قوافلهم وهجراتهم دينهم وحضارتهم إلى العرب الشماليين، فأثروا فيهم آثارًا بعيدة. وظلوا حتى ظهور الإسلام يشكلون عنصرًا مباينًا لهم، على الأقل من حيث النسب، فكانوا يدعون القحطانيين أو اليمنيين؛ بينما دعي عرب الشمال باسم العدنانيين أو النزاريين. ويلاحظ أن قبائلهم المهاجرة اختارت في الأكثر جوار الأمم المتحضرة، فنزلت غسان وقضاعة ومن إليهما في الشام ونزلت لحم في العراق. ومنهم من نزل في داخل الجزيرة وأظهر ميلًا إلى التحضر والاستقرار كالأوس والخزرج في المدينة وكندة في الشمال. على أن من تم منهم اندماجه في البدو تلاشت فيه هذه النزعة مثل طيئ في جبلي أجأ وسلمى. ومن يتعقب القبائل القحطانية في الإسلام يرى أنها كانت تحترم النظام المطلق، بينما كان يمقته النزاريون.

نام کتاب : تاريخ الأدب العربي العصر الجاهلي نویسنده : شوقي ضيف    جلد : 1  صفحه : 29
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست