responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تاريخ الأدب العربي العصر الجاهلي نویسنده : شوقي ضيف    جلد : 1  صفحه : 296
وهو يبدأ برسم صورة هذا الثور؛ فقوائمه مزينة بما فيها من نقط، وهو ضامر كالسيف المسلول، يجري في الصحراء خائفًا متوجسًا لما تسقط عليه السماء من برد لا ينقطع. ولم يلبث أن ذعر ذعرًا شديدًا؛ إذ سمع صوت قانص يهتف بكلابه، فأسرع في جريه، ولمحه القانص فبعث عليه كلابه؛ فاشتدت قوائمه وكعوبه مستخرجًا منها كل ما يبتغي من سرعة، ولكن الكلاب لحقت به، وكان أول ما لقيه منها ضمران، ونشب بينهما صراع عنيف، أهوى فيه الثور على خصمه بقرنيه، ولم يلبث أن طعنه بأحدهما طعنة نجلاء، نفذت إلى ظاهر صدره؛ فكنت ترى الكلب من وهلته يعلك أعلى القرن وما خرج منه متقبضًا متألمًا إلى أن لفظ أنفاسه. ولما رأى واشق ما أصاب أخاه وأنه لن يستطيع أن يعينه ولا أن يدرك بثأره أحجم عن لقاء الثور إبقاء على نفسه، وقد أخذه اليأس من أن يصيد صاحبه كما كان ينبغي، فدون بغيته الموت والهلاك.
وهذا الوصف أكثر حيوية من النسيب السابق، لما بثَّ النابغة في الحيوان من حياة الإنسان وعواطفه وقلقه وطمعه ويأسه؛ فالثور خائف يترقب، والكلاب طامعة تتربص. وتنشب المعركة وكأنها معركة آدمية، فالثور يطعن طعن الرجل المدافع عن عرينه وحماه. ويقتل ضمران. وينظر أخوه واشق فيرى أن القصاص غير ممكن، وتحدثه نفسه بأنه يطمع في غير طائل، وما يلبث أن ينصرف عن المعركة، وقد قذفت به في مهاوي اليأس والقنوط. ولا ينسى النابغة مهارته في التصوير سواء من حيث تمثيل المنظر وتجسيمه أو من حيث التشبيهات وإدخالها في نسيج الأبيات.
وفي ديوانه فخر وهجاء يتصل بشئون قبيلته البدوية وما كان بينها وبين بني أسد من حلف وبينها وبين بني عامر من حرب، وهو في هذا القسم من شعره لا يتوفر على إحكامه وإظهار مهارته فيه شأنه في المديح والاعتذار والرثاء، وكأنه كان يمنعه وقاره أن يتمادى فيه، وخاصة في الهجاء، واقرأ له هذه الأبيات في عامر بن الطفيل وقد بلغه أنه يهجوه:
فإن يك عامرٌ قد قال جَهْلًا ... فإن مَطِيَّةَ الجهل السِّبابُ.

نام کتاب : تاريخ الأدب العربي العصر الجاهلي نویسنده : شوقي ضيف    جلد : 1  صفحه : 296
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست