responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تاريخ الأدب العربي العصر الجاهلي نویسنده : شوقي ضيف    جلد : 1  صفحه : 303
إبلًا وغلامًا لزهير يسمى يَسارًا. وغضب زهير غضبًا شديدًا، وهدده إن لم يرد عليه إبله أن يهجوه هجاء مقذعًا، مذكرًا له بما بين عشيرتيهما من مواثيق وعهود نقضها نقضًا، وخشي الحارث معرة لسانه وما يصب عليه من لعنات فرد عليه ماله وغلامه[1].
وتدل الدلائل على أنه عاش في سعة من المال مما ورثه عن خاله وما كان يقدِّم له هرم وغيره من أشراف قبيلته من أموال، وكان فيه توقر ونبل؛ ولعل ذلك ما جعل شعره يخلو من الفحش والعهر؛ فهو من ذوق آخر غير ذوق امرئ القيس المفتون بالنساء وتصوير مغامراته القصصية معهن. ومن غير شك كان وثنيًّا، مثله مثل قومه، وإن كنا نلاحظ عنده بعض أبيات يؤمن فيها باليوم الآخر وما يه من حساب وعقاب وثواب، يقول في معلقته:
فلا تَكْتُمُنَّ اللهَ ما في نفوسكم ... ليخفى ومهما يُكْتم اللهُ يعلمِ
يؤخَّرْ فيوضع في كتاب فيدخر ... ليوم الحساب أو يعجَّل فيُنْقم
وإذا صحت نسبة البيتين إليه كان ذلك دليلًا على أنه أحد من تحنفوا في الجاهلية وشكوا في دينهم الوثني[2] وأغلب الظن أنه لم يفارق دين قومه؛ إنما هي خطرات كانت تمر به.
وحياة زهير من الوجهة الأدبية طريفة؛ فقد كان أبوه شاعرًا، وكذلك كان خاله كما قدمنا، وأختاه سلمى والخنساء، وورث عنه الشعر ابناه كعب وبجير، واستمر الشعر في بيته أجيالًا؛ فقد كان عقبة بن كعب شاعرًا، وكان العوام بن عقبة شاعرًا أيضًا [3] ويقولون إنه رحل عن البادية وأقام في البصرة.
فنحن بإزاء شاعر اتصل الشعر في بيته اتصالًا لم يعرف لشاعر جاهلي ممن عاصروه، وليس هذا فحسب؛ فإنه عاش للشعر يعلمه ابناه بجير وكعب من جهة، وأناسًا آخرين من غير بيته أشهرهم الحطيئة، فهو تلميذه وخريجه.

[1] أغاني: 10/ 307 وما بعدها.
[2] انظر في ذلك المحبر لابن حبيب ص238 حيث يذكر أنه كان ممن حرموا على أنفسهم في الجاهلية الخمر والسكر والأزلام.
[3] مقدمة ديوان زهير "طبعة دار الكتب" ص9 وقارن بالأغاني 10/ 314 والشعر والشعراء: 1/ 92.
نام کتاب : تاريخ الأدب العربي العصر الجاهلي نویسنده : شوقي ضيف    جلد : 1  صفحه : 303
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست