responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تاريخ الأدب العربي العصر الجاهلي نویسنده : شوقي ضيف    جلد : 1  صفحه : 313
وَأَبيَضَ فَيّاضٍ يَداهُ غَمامَةٌ ... عَلى مُعتَفيهِ ما تُغِبُّ فَواضِلُه1
بَكَرتُ عَلَيهِ غُدوَةً فَرَأَيتُهُ ... قُعودًا لَدَيهِ بِالصَريمِ عَواذِلُه2
فَأَقصَرنَ مِنهُ عَن كَريمٍ مُرَزَّءٍ ... عَزومٍ عَلى الأَمرِ الَّذي هُوَ فاعِلُه3
أَخي ثِقَةٍ لا تُتلِفُ الخَمرُ مالَهُ ... وَلَكِنَّهُ قَد يُهلِكُ المالَ نائِلُه4
تَراهُ إِذا ما جِئتَهُ مُتَهَلِّلًا ... كَأَنَّكَ تُعطيهِ الَّذي أَنتَ سائِلُه5
وهو يمدحه بنقائه من العيوب وأنه كريم مفرط في كرمه حتى لتشبه يداه سحابة، فما تزالان تهطلان على قاصديه بالعطايا، وعبثًا يهتف به العواذل أن يكف عن كثرة نواله. إنه مثال للرجل الفاضل الذي لا ينفق أمواله في لهو؛ إنما ينفقها في الصنيع الجميل. وإنه ليقبل على معتفيه بالبشر والطلاقة، حتى ليكادون يظنون أنهم المسؤلون لا السائلون. وظل بعد ذلك يمدحه بحسن جداله للخصوم ومنطقه الصائب وكياسته وحلمه، وأشار إلى وراثته الطيبة عن آبائه فهو شريف حسيب، كما أشار إلى بلائه في حروبه مع الغساسنة.
وهذه القطع المختلفة التي أنشدناها من مديحه تدل على براعة واضحة؛ فقد كان يحسن التعبير عما في نفسه، وكان يحرص على الاقتصاد في القول فلا يسرف ولا يغلو؛ بل يمثل ممدوحه بخصاله التي كان يشغف بها الجاهليون ويرونها أمارة السيادة والشرف. ولاحظ ذلك قديمًا عمر بن الخطاب؛ فقال: "كان لا يمتدح الرجل إلا بما يكون فيه6" فهو يعتدل في الثناء، وهو يمثل شخصية البدوي الحقيقي الذي يحيط كلامه بالصدق والبساطة. وكان إذا أحس إزاء صفة من الصفات أو معنى من المعاني بأنه يكاد يخرج عن حده أحاطه بما يجعل قوله مقبولًا فيقدم لفظة "لو" ونحوها حتى لا يتجاوز القصد، كما نرى في قوله يصف هرمًا وأمجاده:

1 المعتفون: السائلون. الفواضل: العطايا. وأبيض كناية عن نقائه من المساوئ وثغب: تنقطع.
2 الصريم: الصباح: عواذله: لائموه.
3 أقصرن: كففن. مرزأ: مصاب في ماله لكثرة ما يبذل منه.
4 النائل: العطاء.
5 متهللًا: طلق الوجه
6 أغاني: 10/ 290.
نام کتاب : تاريخ الأدب العربي العصر الجاهلي نویسنده : شوقي ضيف    جلد : 1  صفحه : 313
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست