responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تاريخ الأدب العربي العصر الجاهلي نویسنده : شوقي ضيف    جلد : 1  صفحه : 364
لم يرقّ غزله ولا خاض في الخمر، أما الأعشى فأقبل على اللهو والطرب والعكوف على الخمر والاستماع إلى القيان؛ فكان طبيعيًّا أن يسهل الشعر عنده بأكثر مما يسهل عند النابغة، وأن تظهر فيه رقة الحضارة ونعومتها.
ولا يظهر تأثير الحضارة في سهولة ألفاظه فحسب؛ بل يظهر أيضًا في خفة أوزانه وجمال موسيقاه، وكأنما أثر فيه كثرة استماعه للمغنيات والغناء؛ فإذا هو يُحيل شعره ألحانًا وأنغامًا خالصة. وهو كثير التنويع في أوزانه يستخدم منها التام والمجزوء، ويُحسن هذا الاستخدام إلى أقصى الحدود؛ إذ كان يقتدر على الإتيان بالألفاظ العذبة والكلمات الرشيقة والقوافي المتمكنة.
على أنه ينبغي أن نلاحظ شيئين، هما كثرة ما نحل عليه، وقد أدى ذلك إلى دخول ألفاظ فارسية في بعض قصائده، حمل عليه من أجلها المرزباني في كتاب الموشح. والذي لا شك فيه أن هذا من صنع المنتحلين، ولا يصح أن نحمل على الأعشى بسببه بل ننحي عنه هذا الشعر على نحو ما نحينا عنه القصيدة رقم55. أما الشيء الثاني فهو أن الأسلوب عند الأعشى ينفك قليلًا عن صورة الأسلوب الجاهلي؛ ولذلك مظهر واضح هو أننا نفتقد عنده الأبيات المفردة التي تدور في الحكم والأمثال، وكأنما لم تكن لديه مقدرة زهير والنابغة في التركيز وحشد المعاني في الألفاظ القليلة. وربما كان هذا هو سبب كثرة التضمين في أشعاره كقوله في مطلع قصيدته الأولى في ديوانه:
ما بُكاءُ الكَبيرِ بِالأَطلالِ ... وَسُؤالي فَهَل تَرُدُّ سُؤالي
دِمنَةٌ قَفرَةٌ تَعاوَرَها الصَيـ ... ـفُ بِريحَينِ مِن صَبا وَشَمالِ1
فقد جاء بفاعل ترد في أول البيت الثاني. ومن ذلك قوله في قصيدته التي يفخر فيها بتغلُّب شيبان على الفرس في يوم ذي قار:
وَلِلَّهِ عَينًا مَن رَأى مِن عِصابَةٍ ... أَشَدَّ عَلى أَيدي السُقاةِ مِنَ الَّتي2

1 الدمنة: آثار الدار. الصبا: ريح جنوبية لينة. تعاورها: تتداولها.
2 السعاة: الذين يسعون في الحرب ويهيجونها.
نام کتاب : تاريخ الأدب العربي العصر الجاهلي نویسنده : شوقي ضيف    جلد : 1  صفحه : 364
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست