responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تاريخ الأدب العربي العصر الجاهلي نویسنده : شوقي ضيف    جلد : 1  صفحه : 376
وللشنفرى فرس يسمى اليَحْمُوم[1]، أما اسم فرس عروة بن الورد فقَرْمَل[2] وكانوا يغيرون أحيانًا فرادى وأحيانًا في جماعات.
وكانت أكثر المناطق التي يغيرون عليها مناطق الخصب، وكانوا يرصدون طرق القوافل التجارية وقوافل الحجاج القاصدة إلى مكة، ومعنى ذلك أنهم كانوا ينتشرون حولها في جبال السراة كما كانوا ينتشرون بالقرب من الطائف والمدينة وأطراف اليمن الشمالية؛ ففي كل هذه الجهات يكثر هؤلاء الذؤبان من قطاع الطرق وقراصنة الصحراء. وهم في أشعارهم يتغنون بمغامراتهم ونراهم في أثناء ذلك يتمدحون بالكرم كما نرى فيهم كثيرًا من البر بالأقارب والأهل، وأيضًا فإننا نحس عندهم غير قليل من الترفع والشعور بالكرامة في الحياة، ويصور لنا ذلك أبو خراش الهذلي فيقول3:
وَإِنّي لَأُثوي الجوعَ حَتّى يَمَلَّني ... فَيَذهَبَ لَم يَدنَس ثِيابي وَلا جِرمي4
وَأَغتَبِق الماءَ القَراحَ فَأَنتَهي ... إِذا الزادَ أَمسى لِلمُزَلَّجِ ذا طَعمِ5
أَرُدُّ شُجاعَ البَطنِ قَد تَعلَمينَهُ ... وَأوثِرُ غَيري مِن عِيالِكِ بِالطُعمِ
مَخافَةَ أَن أَحيا بِرَغمٍ وَذِلَّةٍ ... وَلَلمَوتُ خَيرٌ مِن حَياةٍ عَلى رَغمِ
فهو يفتخر لزوجه بأنه يصبر على الجوع؛ حتى ينكشف عنه، دون أن يلحقه فيه ضيم، وإنه ليكفيه الماء القراح؛ بينما يتخمم من حوله أشحاء النفوس بالطعام، أما هو فحتى إن وجد الطعام آثر به عياله وأولاده. وكل ذلك يصنعه حتى لا يوصم بعار الذل. وسنرى عما قليل عروة بن الورد يعبِّر عن مثالية خلقية رفيعة لا تقل جمالًا عن مثالية عنترة. وكأنما تحولت الصعلكة في أواخر العصر الجاهلي إلى نظام يشبه نظام الفروسية، وهي حقًّا تقوم على السلب والنهب؛ ولكنهم كانوا لا يسلبون ولا ينهبون سيدًا كريمًا، واقرأ في صعاليك هذيل من مثل أبي كبير والأعلم وفي السليك وتأبط شرًّا وغيرهم؛ فستجد للصعلوك مثاليته في الحياة أو على

[1] ديوانه المطبوع في لجنة التأليف والترجمة والنشر: ص40.
[2] ديوانه "طبع الجزائر": ص120.
3 ديوان الهذليين: طبعة دار الكتب المصرية: 2/ 127 والأغاني: 21/ 42.
4 أثوي: أطيل حبسه.
5 أغتبق: أشرب عشاء. القراح: الصافي. المزلج: البخيل.
نام کتاب : تاريخ الأدب العربي العصر الجاهلي نویسنده : شوقي ضيف    جلد : 1  صفحه : 376
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست