responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تاريخ الأدب العربي العصر الجاهلي نویسنده : شوقي ضيف    جلد : 1  صفحه : 382
وواضح أنه ينتقل من تصور شح هذه الأم بالطعام إلى بيان أنها ليست أمًّا حقيقية؛ فهي صعاليك، لا تتخذ ولا تبيت في الخيام، ولها جعبة سهام، تناضل بها عن أصحابها حين يفجؤهم بعض الأعداء. وما تزال ترعاهم رعاية حمار الوحش لأتنه؛ حتى إذا دهمهم غزاة أو مغيرون بادرت إلى سهامها، ثم نازلتهم هي ومن معها بسيوفهم القاطعة اللامعة التي تنهل من دمائهم وتعل، فترى وكأنها أذناب الحسيل، وهي أولاد البقر المستأنسة. ووقف لايل في ترجمته للمفضليات عند هذا التشبيه واتخذ منه دليلًا على أصل الشنفرى وأنه يمني حقًّا، لأن البقر المستأنس كما يقول: لم يعرف عند العرب قديمًا إلا في بلاد اليمن[1].
ونمضي مع الشنفرى في القصيدة فإذا هو يحدثنا عن أهداف غارته وأنه كان يقصد بها بني سلامان، حتى يأخذ بثأره لأبيه ويشفي حقده وغليله، يقول:
جَزَينا سَلامانَ بنَ مُفرِجَ قَرضَها ... بِما قَدَّمَت أَيديهِمُ وَأَزَلَّتِ2
وَهُنّئَ بي قَومٌ وَما إِن هَنَأتُهُم ... وَأَصبَحتُ في قَومٍ وَلَيسوا بِمُنيَتي3
شَفَينا بِعَبدِ اللَهِ بَعضَ غَليلِنا ... وَعَوفٍ لَدى المَعدى أَوانَ اِستَهَلَّتِ4
وَإنّي لَحُلوٌ إِن أُرِيَدت حَلاوَتي ... وَمُرٌّ إِذا نَفسُ العَزوفِ استَمَرَّتِ5
وهو يصرح بأنه جزى بني سلامان بما قدمت أيديهم، ويأسى أن يكونوا قومه ولا ينتفعوا به وببأسه، وأن يقعد لهم ويقعدوا له، لما بينه وبينهم من ثأر قديم، ويحدثنا أنه شفى بعض غليله بقتله لرجلين منهم، هما عبد الله وعوف، ويقول: إنه حلو لأصدقائه مر على أعدائه كأنه الحنظل. وهكذا كانت حياته غارات ومغامرات، حتى أصاب أعداؤه منه مقتلًا فقتلوه.
وثالث صعاليك الجاهلية المشهورين عروة بن الورد العبسي[6]، وكان أبوه

[1] راجع ترجمة المفضليات للايل: 2/ 68.
2 أزلت: قدمت.
3 معنى الشطر الأول: أن الأزد يهنئون به وبشجاعته؛ لأنه منهم، وفي الوقت نفسه هو لا يهنؤهم لأنهم لا ينتفعون به. وهو يشير في وضوح إلى أنه ينزل في بني فهم وليس منهم.
4 الغليل في أصله: حرارة العطش، هو هنا العطش إلى القتل. المعدي: موضع العدو، والمراد ساحة المعركة. أوان استهلت: في الوقت الذي ارتفعت فيه الأصوات للحرب.
5 العزوف: المنصرف عن الشيء. استمرت: من المرارة.
[6] راجع في ترجمة عروة الأغاني "طبعة دار الكتب": 3/ 73، والشعر والشعراء: 2/ 675. والخزانة: 4/ 194، والشعراء الصعاليك: ص320.
نام کتاب : تاريخ الأدب العربي العصر الجاهلي نویسنده : شوقي ضيف    جلد : 1  صفحه : 382
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست