responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تاريخ الأدب العربي العصر الجاهلي نویسنده : شوقي ضيف    جلد : 1  صفحه : 390
مِنْ نُطْفَةٍ فَإِذَا هُوَ خَصِيمٌ مُبِينٌ، وَضَرَبَ لَنَا مَثَلًا وَنَسِيَ خَلْقَهُ قَالَ مَنْ يُحْيِي الْعِظَامَ وَهِيَ رَمِيمٌ، قُلْ يُحْيِيهَا الَّذِي أَنْشَأَهَا أَوَّلَ مَرَّةٍ وَهُوَ بِكُلِّ خَلْقٍ عَلِيمٌ} . وتردد هذا المعنى في الذكر الحكيم هو الذي يجعلنا نشك في هذه القصيدة، ونعتقد اعتقادًا أنها نظمت في العصور الإسلامية على هدي التنزيل العزيز، ويدل على ذلك دلالة قاطعة أننا نحس إزاء بعض أبياتها أنها نظم مباشر لبعض آي القرآن الكريم مثل:
ليت شعري وأشعرنَّ إذا ما ... قِيل إِقرأْ عُنْوانها وقريتُ1
وأصل هذا البيت قوله تعالى في سورة الإسراء: {وَكُلَّ إِنْسَانٍ أَلْزَمْنَاهُ طَائِرَهُ فِي عُنُقِهِ وَنُخْرِجُ لَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ كِتَابًا يَلْقَاهُ مَنْشُورًا، اقْرَأْ كِتَابَكَ كَفَى بِنَفْسِكَ الْيَوْمَ عَلَيْكَ حَسِيبًا} وعلى هذه الشاكلة:
مَيْتَ دَهْرٍ قد كنتُ ثم حييتُ ... وحياتي رَهْنٌ بأن سأموتُ
فإن البيت ترديد لمثل قوله سبحانه: {كَيْفَ تَكْفُرُونَ بِاللَّهِ وَكُنْتُمْ أَمْوَاتًا فَأَحْيَاكُمْ ثُمَّ يُمِيتُكُمْ ثُمَّ يُحْيِيكُمْ ثُمَّ إِلَيْهِ تُرْجَعُونَ} .
والحق أن الشعر المضاف إلى يهود الجاهلية من أمثال السموأل ينبغي أن نحذر منه، وخاصة حين يعلي من أخلاقهم ويسمو بها، أو حين يندمج في بعض ما يردده القرآن الكريم من أفكار ومعاني لم تكن معروفة قبله، ولعله من أجل ذلك لم يرو المفضل الضبي في مفضلياته شعرًا ليهودي، وكأنه لم يثبت عنده شعر لهم.
وإذا كان العرب الشماليون في الجاهلية استشعروا البغضاء لليهود فلم يتهود منهم أحد؛ فإنهم لم يحسوا نفس الإحساس إزاء النصرانية والنصارى، وإن ظلوا في الجملة يحتفظون بدينهم الوثني ويرون فيه رمز استقلالهم وسيادتهم، وأنه ينبغي أن لا تتخطفهم الديانات من حولهم. وقد كانت المسيحية أمامهم في الشام دينًا للدولة، ودخل فيها الغساسنة كما قدمنا في غير هذا الموضع، وكانت منتشرة بين الآراميين فيما بين النهرين بالعراق، واعتنقها اللخميون في أواخر القرن

1 رواية هذا الشطر في ابن سلام: "قربوها منشورة فقريت" وقريت: لغة في قرأت.
نام کتاب : تاريخ الأدب العربي العصر الجاهلي نویسنده : شوقي ضيف    جلد : 1  صفحه : 390
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست