responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تاريخ الأدب العربي العصر الجاهلي نویسنده : شوقي ضيف    جلد : 1  صفحه : 403
الدينار الذي كانت تعطيه، ولما رأى ذلك تخوف شرها وندم فقال لها: هل لك في أن نتواثق –نتعاهد- ونعود إلى ما كنا عليه؛ فقالت: كيف أعاهد؟ وهذا أثر فأسك وأنت فاجر، لا تبالي العهد. فكان حديث الحية والفأس مثلًا مشهورًا من أمثال العرب، قال نابغة بني ذبيان، من قصيدة يعاتب بها بني مرة:
وَإِنّي لَأَلقى مِن ذَوي الضِغنِ مِنهُمُ ... بلا عَثْرَةٍ والنفس لا بُد عاثرة
كَما لَقِيَت ذاتُ الصَفا مِن حَليفِها ... وَما اِنفَكَّتِ الأَمثالُ في الناسِ سائِرَه
وينشد الضبي بقية القطعة التي يتحدث فيها النابغة عن قصة الحية مع هذا الراعي الذي اختان عهده. ونحن نشك في الأبيات كما نشك في أن القصة حافظت على الأصل الجاهلي، وإن كنا في الوقت نفسه نظن ظنًّا أنها تعطينا جانبًا من روح القصص الجاهلي، وأنه كان يلتقي في بعض جوانبه بقصص الحيوان المعروف عند الهنود، والذي تسرب منهم إلى الأمم الأخرى على نحو ما نعرف في قصص إيسوب اليوناني، وبين قصصه الزارع والحية[1]، وكأنما تسرب هذا النوع من الهند إلى العرب واليونان جميعًا.
ومما لا شك فيه أن عرب الجاهلية قصوا كثيرًا عن الجن والعفاريت والشياطين، وقد زعموا أنها تتحول في أي صورة شاءت إلا الغول فإنها دائمًا تبدو في صورة امرأة عدا رجليها؛ فلا بد أن تكونا رجلي حمار. وكثيرًا ما تتراءى الجن في صورة الثيران والكلاب والنعام والنسور. وكانوا يزعمون أن أهم منازلها أرض وبار وصحراء الدهناء ويبرين. ومن غير شك دخل كثير من قصصهم عنها في كتب الأساطير والعجائب التي ألفت في العصر العباسي.
ونحن لم نسق ذلك لنؤكد أنه بقيت لنا من القصص الجاهلي بقية صالحة للدراسة؛ فإن شيئًا من هذا القصص الذي يضاف إلى الجاهليين لم يصلنا مدونًا مكتوبًا، ولذلك كنا نتهمه جملة، وإن كنا بعد هذا الاتهام نعود فنزعم أنه يصور لنا مادة قصصهم وروحه وطبيعته وكثيرًا من ملامحه؛ ولكن لا بصورة دقيقة، وإنما بصورة عامة.

[1] انظر الأمثال في النثر العربي القديم: ص43.
نام کتاب : تاريخ الأدب العربي العصر الجاهلي نویسنده : شوقي ضيف    جلد : 1  صفحه : 403
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست