responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تاريخ الأدب العربي العصر الجاهلي نویسنده : شوقي ضيف    جلد : 1  صفحه : 405
من هذه الأمثال؛ غير أنه فُقد. ولم يحاول من جاءوا بعده أن يفردوا الأمثال الجاهلية من الإسلامية؛ إذ دَرَج أكثرهم على ترتيب الأمثال حسب الحروف الأولى على نحو ما ترتب المعاجم ألفاظها، فهم يرتبونها أو يؤلفونها في تسعة وعشرين بابًا بعدد أبواب الحروف الهجائية.
وبذلك أصبح من الصعب تمييز جاهليها من إسلاميها في كثير من الأحيان، ومع ذلك قد يورد أصحاب هذه الكتب مع ما يرونه من الأمثال إشارات تدل على جاهليتها وقدمها. وهي تتخذ عندهم طريقين: الطريق الأول: أن يسوقوا مع المثل قصة جاهلية تفسره، أو أن يساق هو في أثناء قصة جاهلية، كتلك الأمثال التي نقرؤها في قصة الزباء من مثل: "لا يطاع لقصير أمر" و "لأمر ما جدع قصير أنفه" و "بيدي لا بيد عمرو". وقد بلغت أمثال هذه القصة عند الميداني ثمانية عشر مثلًا. ومن هذا الطريق ما يتصل بأحداث أو أساطير جاهلية كالذي زعموا أن النعمان بن امرئ القيس اللخمي ابتنى قصرًا له يسمى الخَورنق، بناه له رومي يُسمى سِنمَّار؛ فلما أتمه قال له سنمار: إني أعرف موضع آجرة لو زالت لسقط القصر كله، فقال له النعمان: أيعرفها أحد غيرك؟ فقال: لا، فقال: لا جرم لأدَعَنَّها وما يعرفها أحد، ثم أمر به فرمي من أعلى القصر إلى أسفله فتقطع؛ فضرب به الجاهليون المثل فقالوا: جزاء سنمار.
وأما الطريق الثاني: فهو أن ينسبوا المثل إلى جاهليين؛ فحينئذ يتعين زمنه وتاريخه، وهناك كثيرون اشتهروا فيهم بالحكم والأمثال السائرة، ومنهم من يغرق في القدم مثل لقمان عاد؛ تلك القبيلة اليمنية التي كانت تنزل في الأحقاف، والتي بادت ولم تبق منها باقية في الجاهلية، وقد ظل اسم لقمان يدور على ألسنة شعرائهم[1] وظلوا يذكرونه بالحكمة والبيان والحلم. يقول الجاحظ: "من القدماء ممن كان يذكر بالقدر والرياسة والبيان والخطابة والحكمة والدهاء والنكراء لقمان عاد" وينص على أنه غير لقمان الحكيم المذكور في القرآن الكريم[2] كما ينص على ذلك المفسرون[3]. ولقدم لقمان حفت الأسطورة به وبحياته وكل ما يتصل بصلاته مع الناس والنساء؛ فقال الأخباريون إنه كان عملاقًا كبير الرأس قويًّا قوة

[1] البيان والتبيين: 1/ 183 وما بعدها و 3/ 304.
[2] البيان والتبيين: 1/ 184.
[3] قصص الأنبياء الثعلبي "طبعة القاهرة": 340. وتفسير أبي حيان: 7/ 186 وانظر خزانة الأدب للبغدادي: 2/ 77.
نام کتاب : تاريخ الأدب العربي العصر الجاهلي نویسنده : شوقي ضيف    جلد : 1  صفحه : 405
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست