responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تاريخ الأدب العربي العصر الجاهلي نویسنده : شوقي ضيف    جلد : 1  صفحه : 416
وربما كان من أسباب ذلك أن الشاعر-إذا استثنينا زهيرًا- كان هو الذي يهيج النفوس للحرب بما يدعو للأخذ بالثأر، أما الخطيب فكان غالبًا يدعو إلى السلم وأن تضع الحرب بين القبائل المتخاصمة أوزارها، وكثيرًا ما يقف من قومه موقف الناصح الأمين يهديهم ويرشدهم، أما الشاعر فأكثر مواقفه هجاء وتنابذ بالألقاب والأحساب والمآثر والمعايب.
وقد تعارف خطباؤهم على جملة من السنن والتقاليد في خطابتهم؛ فكانوا يخطبون على رواحلهم في الأسواق العظام والمجامع الكبار[1]، وقد لاثوا العمائم على رءوسهم. وفي أثناء خطابتهم كانوا يمسكون بالعصى والمخاصر والقضبان والقنا والقسي راكبين أو واقفين على مرتفع من الأرض، وأشار إلى ذلك لبيد إذ يقول2:
ما إِن أَهابُ إِذا السُرادِقُ عَمَّهُ ... قَرعُ القِسيِّ وَأُرعِشَ الرِعديدُ
ووقفت الشعوبية طويلًا عنده عادة خطباء العرب من اتخاذ العصي والمخاصر وردَّ عليهم الجاحظ في بيانه مبينًا فوائد العصا، ومن قوله في تلك العادة: "إن حمل العصا والمخصرة دليل على التأهب للخطبة والتهيؤ للإطناب والإطالة؛ وذلك شيء خاص في خطباء العرب ومقصور عليهم ومنسوب إليهم؛ حتى إنهم ليذهبون في حوائجهم، والمخاصر بأيديهم إلفًا لها وتوقعًا لبعض ما يوجب حملها والإشارة بها"[3] وكانوا يمدحون في الخطيب ثبات الجنان وحضور البديهة وقلة التلفت وكثرة الريق وجهارة الصوت وقوته، وكانوا يعيبون فيه التنحنح والارتعاش والحصَر والتعثر في الكلام، يقول النمر بن تولب4:
أَعِذني رَبِّ مِن حَصَرٍ وَعيٍ ... وَمِن نَفسٍ أُعالِجُها عِلاجا
ويقول أبو العيال الهذلي:
وَلا حَصِرٌ بِخُطبَتِهِ ... إِذا ما عَزَّتِ الخُطَبُ
وذموا في الخطيب أن يكثر من مسه لذقنه وشواربه ولحيته، وكأنما رأوا في ذلك

[1] البيان والتبيين: 3/ 7.
2 نفس المصدر: 1/ 272، 3/ 9.
[3] البيان والتبيين: 3/ 117.
4 انظر في هذا البيت وتاليه البيان والتبيين: 1/ 3.
نام کتاب : تاريخ الأدب العربي العصر الجاهلي نویسنده : شوقي ضيف    جلد : 1  صفحه : 416
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست