responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تاريخ الأدب العربي العصر الجاهلي نویسنده : شوقي ضيف    جلد : 1  صفحه : 422
ونحن لا نطئمن إلى ما يروى في كتاب التاريخ والأدب من أقوال جرت على ألسنة هؤلاء الكهان والكاهنات؛ فإن بعد المسافة بين عصور التدوين والعصر الجاهلي يجعلنا نتهم مثل هذه الأقوال؛ إذ من الصعب أن تروى بنصها وقد مضى عليها نحو قرنين من الزمان. وإنما استشهدنا ببعض منها لندل على أنه ثبت في أذهان من تحدثوا عن الكهان والكاهنات في الجاهلية أنهم كانوا يعتمدون على السجع في كلامهم؛ ولذلك حين أجرو ألسنتهم بالكلام جعلوه مسجوعًا على شاكلة ما رويناه من أقوالهم. ومعنى ذلك أنه وجد في العصر الجاهلي سجع كان يقوله الكهان، وقد اختلط الأمر على بعض قريش في أول نزول الذكر الحكيم؛ فقرنوه بسجع كهنتهم ورد عليهم القرآن الكريم بمثل قوله جل وعز: {وَلا بِقَوْلِ كَاهِنٍ قَلِيلًا مَا تَذَكَّرُونَ} وقال سبحانه وتعالى: {فَذَكِّرْ فَمَا أَنْتَ بِنِعْمَتِ رَبِّكَ بِكَاهِنٍ وَلا مَجْنُونٍ} وقال: {إِنَّهُ لَقَوْلُ رَسُولٍ كَرِيمٍ، وَمَا هُوَ بِقَوْلِ شَاعِرٍ قَلِيلًا مَا تُؤْمِنُونَ، وَلا بِقَوْلِ كَاهِنٍ قَلِيلًا مَا تَذَكَّرُونَ} .
ومما يدل على أن كهنتهم كانوا يسجعون؛ بل كانوا لا يتكلمون إلا بالسجع، الحديث المروي عن أبي هريرة؛ فقد حدث أنه: "اقتتلت امرأتان من هذيل؛ فرمت إحداهما الأخرى بحجر، فقتلتها وما في بطنها، فاختصموا إلى رسول الله، صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّم، فقضى رسول الله أن دية جنينها غرة: عبد أو وليدة، وقضى بدية المرأة على عاقلتها[1] ... فقال حمل بن النابغة الهُذلي: يا رسول الله كيف أغرم من لا شرب ولا أكل ولا نطق ولا استهل[2]، فمثل ذلك يطل[3]؛ فقال رسول الله، صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّم: "إنما هذا من إخوان الكهان، من أجل سجعه الذي سجع" [4]. ويقول الجاحظ: "كان حازى "كاهن" جهينة وشق وسطيح وعزى سلمة وأشباههم يتكهنون ويحكمون بالأسجاع"[5].
وإذا صح أن ما يروى في كتب التاريخ والأدب من سجع الكهان تقليد دقيق لما كانوا يأتون به من هذا السجع لاحظنا أنهم لم يكونوا يسجعون فحسب؛

[1] عاقلة المرأة: عصبتها الذين يتضامنون معها في دفع الدية.
[2] استهل: صاح.
[3] يطل: يهدر دمه.
[4] صحيح مسلم "طبعة الآستانة" 5/ 110. وانظر موطأ مالك "طبع حجر بالقاهرة" 2/ 192.
[5] البيان والتبيين: 1/ 289 وما بعدها.
نام کتاب : تاريخ الأدب العربي العصر الجاهلي نویسنده : شوقي ضيف    جلد : 1  صفحه : 422
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست