responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تاريخ الأدب العربي العصر الجاهلي نویسنده : شوقي ضيف    جلد : 1  صفحه : 50
فتأْمنَ وَسْطهم وتعيش فيهم ... أبا مطرٍ هُديتَ لخير عَيشِ
وتنزلَ بلدةً عزَّتْ قديمًا ... وتأمن أن يزورك ربُّ جَيش
وقد هيأ لها التصادم المستمر بين الفرس والروم أن تزدهر بها التجارة؛ فقد كان الطريق بين العراق والشام مقفلًا، وكانت أكثر تجارة الشمال والجنوب تهبط فيها. وكانت قوافلها تجوب الصحراء العربية إلى الجنوب في اليمن وحضرموت وإلى الشرق في الحيرة وإلى الشمال؛ حيث تذهب إلى بُصرى في الشام وإلى غزة ومصر. وفي الوقت نفسه كانت راعية الكعبة وأصنامها وأوثانها؛ وبذلك كان أهلها أشرف العرب وكان كثير منهم يعترفون لهم بالسيادة، يقول ابن الفقيه: "إن أهل مكة لم يؤدوا في الجاهلية إتاوة قط، ودانت لهم خُزاعة وثقيف وعامر بن صعصعة، وفرضوا على العرب قاطبة أن يطرحوا أزواد الحِلِّ إذا دخلوا الحرم، وهم بعد أعزّ العرب، يأتمرون عليهم قاطبة"[1] وكانوا يأخذون منهم إتاوة تسمى الحريم إذا نزلوا في بلدهم[2] كما كانوا يأخذون إتاوة من التجار الأجانب إذا ألموا بهم، وكان ينزلها بيزنطيون وفرس للتجارة[3] يدل على ذلك الصحابيان الجليلان: صُهيب الرومي وسلمان الفارسي.
وكل ذلك يؤكد مكانتها وزعامتها على العرب؛ فهي بيت تجارتهم وبيت كعبتهم المقدسة، فيها يقيمون أعيادهم الدينية، كما يقيمون أسواقهم التجارية كسوق عكاظ ومجنّة وذي المجاز. ولم تكن أسواقًا تجارية فحسب؛ بل كانت أسواقًا أدبية أيضًا، تعرض فيها سلع الشعر؛ فيتنافس الشعراء ويقوم بينهم المحكمون من أمثال النابغة فيحكمون للمتفوق ببراعته. وبذلك هيأت لحركة أدبية واسعة النطاق. سيطرت فيها لغتها بحكم مكانتها الدينية وتنقلها بتجارتها في أسواق العرب خارج ديارها، فأصبحت لغة الأدب الرفيعة.
ولعل في هذا كله ما يدل على عظم شأنها في الجاهلية، وقد زعم لامنس في

[1] كتاب البلدان لابن الفقية "طبعة أوربا" ص 18
[2] الاشتقاق لابن دريد ص 172 وأخبار مكة للأزرقي "طبعة أوربا" ص 175.
[3] انظر Oleary, Arabia Before Muhammad "London, 1927" p.184 وراجع مروج الذهب للسعودي "طبعة باريس" 2/ 148.
نام کتاب : تاريخ الأدب العربي العصر الجاهلي نویسنده : شوقي ضيف    جلد : 1  صفحه : 50
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست