responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تاريخ الأدب العربي العصر الجاهلي نویسنده : شوقي ضيف    جلد : 1  صفحه : 61
إذا نزل به جار أضافه وأعانه وحفظ له كل ما يمكن من حقوق الجوار. وكان من أهم ما يقوم به السيد إصلاح ذات البين في القبيلة ولَمُّ شعثها مستعينًا في ذلك بشيوخها وأصحاب الشرف فيها. ودائمًا لا بد له من استشارتهم؛ بل لا بد له من أن يستمع إلى كل فرد من أفرد القبيلة. فهم جميعًا أكفاء يتساوون في الحقوق ومن أهم ما يدل على هذه المساواة نظام الإجارة، وهي حق التوطن في القبيلة؛ إذ كان لكل فرد فيها أن يجير من يشاء، وإذا أجار شخصًا أصبحت قبيلته ملزمة به، وأصبح له ما لأفرادها من حقوق. وعليه ما عليهم من واجبات.
وكان أفراد القبيلة جميعًا يضعون أنفسهم في خدمتها وخدمة حقوقها، وعلى رأسها حق الأخذ بالثأر ممن سولت له نفسه من القبائل الأخرى أن يعتدي على أحد أبنائها؛ فكل فرد فيها يضحي لها بنفسه كما يضحي لها بماله؛ فهي حياته وكيانه، وهو مع اعتزازه بفرديته وشخصيته وحريته يعيش لها وداخل إطارها، مدفوعًا في ذلك بعصبية شديدة، وهي عصبية سيطرت على نفوسهم، وقدسوها تقديسًا كان أعظم من تقديسهم للشعائر الدينية. فتلك الشعائر تشركهم فيها قبائل أخرى، أما شعائر العصبية القبلية فإنها خاصة بالقبيلة وأبنائها الذين يجمعهم دم واحد ونسب واحد. وربما تسامح الواحد منهم في دينه؛ إذ لم يكن يهمه في كثير من الأحوال، أما في العصبية فإنه لا يتسامح في أي واجب من واجباتها، ومن خير ما يصور ذلك قول دريد بن الصِّمَّة1:
وما أنا إلا من غَزِيَّةَ إن غَوَت ... غويتُ وإن ترشُد غزية أَرشدِ
فغيه ورشده مرتبطان بعشيرته غزية، فإن ضلت؛ ضل معها وأمعن في ضلاله، وإن اهتدت اهتدى معها وأمعن في هداه.
وكانت القبيلة من جانبها تعطي لأبنائها عليها نفس الحقوق؛ فهي تنصرهم في الملمات التي تنزل بهم ظالمين أو مظلومين؛ فحسب أحدهم أن يستغيث فإذا السيوف مشرعة، وإذا الدماء تتصبب على أتفه الأسباب. وقد تحولوا بسبب اختصاصهم على المراعي واتخاذهم الغزو وسيلة من وسائل عيشهم إلى ما يشبه كتائب حربية،

1 الأصمعيات "طبع دار المعارف" ص 112 وانظر المرزوقي على الحماسة 2/ 815.
نام کتاب : تاريخ الأدب العربي العصر الجاهلي نویسنده : شوقي ضيف    جلد : 1  صفحه : 61
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست