responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تاريخ الأدب العربي العصر الجاهلي نویسنده : شوقي ضيف    جلد : 1  صفحه : 63
إذا ما طلبنا تَبْلَنا عند معشَرٍ ... أبينا حِلاب الدَّرِّ أو نشربَ الدَّما1
فهم لا يرضون بالدية ويرونها ذلًا ما بعده ذل أن يستبدلوا الدم بالإبل وألبانها؛ فالدم لا يشفيهم منه إلا الدم، وكأنما أصبح سفكه غريزة من غرائزهم لا تزايلهم؛ فهم يطلبونه وهم يتعطشون إليه تعطشًا شديدًا على شاكلة تأبط شرًّا إذ يقول2:
قليلُ غرار النوم أكبر همه ... دم الثأر أو يلقى كميًّا مُسَفَّعا
فأكبر ما يهتم به وينصب له طلب الثأر ولقاء بطل سفعت وجهه الهواجر. وأكثر حروبهم كان يجرها نزاع بين بعض الأفراد في قبيلتين مختلفتين؛ إما بسبب قتل أو بسبب إهانة، أو بسبب اختلاف على حد من الحدود، وحينئذ تشتبك عشيرتا هؤلاء الأفراد، وتنضم إلى كل عشيرة عشائر قبيلتها، وقد تنضم أحلافهما، فتنتشر نيران الحرب بين قبائل كثيرة، وصور ذلك شاعر الحماسة؛ إذ يقول3:
الشيء يبدؤه في الأصل أصغره ... وليس يصلى بكل الحرب جانيها
والحرب يلحق فيها الكارهون كما ... تدنو الصحاح إلى الجربَى فتُعْديها
فهي تبدأ صغيرة ضعيفة، ثم تقوى وتستحكم وتعظم بمرور الزمن؛ فتصبح لها عدوى كعدوى الجرب، لا يفلت منها راغب فيها ولا كاره؛ فالجميع يصطلون بنارها، بل يترامون فيها ترامي الفراش، فهي أمنيتهم ومبتغاهم، يقول زهير4:
إذا فزعوا طاروا إلى مستغيثهم ... طوالَ الرماح لا ضعافٌ ولا عُزْل5
فإن يُقْتَلوا فيُشْتَفى بدمائهم ... وكانوا قديمًا من مناياهم القتلُ
فجميعهم يطيرون إلى المستغيث بخيلهم ورماحهم، وتدور رحى الحرب فيقتلون

1 التبل: الثأر، وحلاب الدر: كناية عن الإبل التي تحلب وتشرب ألبانها.
2 المرزوقي على حماسة أبي تمام 2/ 492 وغرار النوم: قليله، والكمي: الشجاع.
3 المرزوقي 1/ 407.
4 ديوان زهير ص 102
5 الأعزل مفرد عزل: من لا سلاح له، وفزعوا: أغاثوا.
نام کتاب : تاريخ الأدب العربي العصر الجاهلي نویسنده : شوقي ضيف    جلد : 1  صفحه : 63
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست