نام کتاب : تاريخ النقد الأدبي عند العرب نویسنده : إحسان عباس جلد : 1 صفحه : 495
أصحابه، والشعر الصوفي يمثل استسلام الكلمة لمدلولات جديدة، واتجاه التركيب إلى عدم الدقة لأن التأويل فيه ممكن ميسور، والانسياق المسترسل في المبنى دون حدود صارمة، والحاجة إلى النغمة العذبة، لأن كثيراً من ذلك الشعر كان يغنى في الحلقات.
كساد الشعر في الجملة
وقد كان الشعراء كثيراً ما يذكرون في العصور السابقة " حرفة الأدب "، ويعدون أنفسهم محارفين محدودين؛ وفي القرن الخامس تحدث ابن رشيق عن التكسب بالشعر حديثاً يتصل بعصره؛ ولكن الظاهرة في هذين القرنين تجعل للكساد الذي يشكوه الشعراء معنى فنياً إلى جانب المعنى الاجتماعي؛ ولسنا نقلل من أثر المعنى الثاني فإنه يتصل بصميم الأوضاع الاقتصادية التي واجهها الشعراء على مر الزمن، ولكن يبدو ان وراء هذا العامل عاملاً آخر هو ضعف أثر الشعر في النفوس، وشعور الشاعر بالهزيمة إذا قاس نفسه إلى غيره من المثقفين: وهذا الإعلان بالكساد نسمعه من أقصى المشرق إلى أقصى المغرب، فعنه عبر أبو إسحاق الغزي (- 524) [1] حين قال:
قالوا هجرت الشعر قلت ضرورة ... باب الدواعي والبواعث مغلق
خلت الديار فلا كريم يرتجى ... منه النوال ولا مليح يعشق
ومن العجائب أنه لا يشتري ... ويخان فيه مع الكساد ويشرق وعنه عبر الأعمى التطيلي (- 252) وشاح الأندلس بقوله يصور سيادة الفقه واندحار الشعر:
أيا رحمتا للشعر أقوت ربوعه ... على انه للمكرمات مناسك
وللشعراء اليوم ثلث عروشهم ... فلا الفخر مختال ولا العز تامك
فيا دولة الضيم اجملي أو تجاهلي ... فقد أصبحت تلك العرى والعرائك
ويا " قام زيد " اعرضي أو تعارضي ... فقد حال من دون المنى " قال مالك " [1] له ترجمة مطولة في الخريدة (قسم الشام) .
نام کتاب : تاريخ النقد الأدبي عند العرب نویسنده : إحسان عباس جلد : 1 صفحه : 495