نام کتاب : تاريخ النقد الأدبي عند العرب نویسنده : إحسان عباس جلد : 1 صفحه : 496
الانصراف الجماهيري نحو الأشعار العامية وزيادة آمة الشعر الفصيح
فإذا كان هذا حال الشعر بسبب الخوف من الضياع وضعف الصلة بين الشاعر والممدوحين، فإن مما يزيد حاله وهناً اكتفاء الجماهير في المشرق والمغرب بشعرها العامي - اعني بألوان الزجل التي وجدت فيها غذاءها الطبيعي، وبهذا يتضح ان أزمة الشعر ازدادت عما رأينا في القرن الخامس؛ وزاد من وضوحها عدم ظهور الشاعر الذي ينتهج مذهباً يثير من حوله حركة نقدية، فكانت حال الشعر سبباً في ضعف النقد عامة. نعم وجد الوشاح الكبير الذي يستطيع أن يمد برزخاً فوق الهوة القائمة بين طبقات المثقفين وجماهير الشعب، ولكن هذا الوشاح لم يستطع أن يستثير حوله مدرسة نقدية معارضة، لأن الناس استقبلوا الخفة الغنائية في مبتكراته وهم بحاجة إليها - دون ثورة امتعاض أو مغالاة في إعجاب.
الاهتمام بالمصطلح البلاغي الشكلي واعتباره نقداً
وكان الانحراف نحو الشكل قد وصل إلى النتيجة الحتمية وهي الاهتمام في الشعر بالشئون البلاغية التي كانت تسير من قبل في معونة الحركة النقدية، فلما ضعف النقد، انفصلت عنه البلاغة واستقلت واستأثرت بالاهتمام الكلي، وأصبحت جهود أصحابها مقصورة على التفنن في التقسيم والتفريع؛ وتجولت كلمة " نقد " عن معناها الأصلي، فإذا قرأت عنوان كتاب لأسامة ابن منقذ " البديع في نقد الشعر " فقدر أنه تحديد لمصطلحات البديع ليس غير، وانه لا يتعلق من النقد بسبب قوي، وكان ذلك أشد وضوحاً في المشرق، فأنت إذا استثنيت بلاغياً مترسلاً كابن الأثير كانت شخصيته نفسها ذات أثر في تكوين بعض المفهومات النقدية، وجدت أن أكثر جهود المشارقة اتجهت نحو البلاغة؛ وصادف ذلك اشتداد الذوق الفارسي على أثر اليقظة على الشعر الفارسي نفسه، فكان أن وجد ذلك الذوق طلبته الكبرى في مصطلح البديع، وحين تقرأ كتباً مثل ترجمان البلاغة
نام کتاب : تاريخ النقد الأدبي عند العرب نویسنده : إحسان عباس جلد : 1 صفحه : 496