نام کتاب : تاريخ النقد الأدبي عند العرب نویسنده : إحسان عباس جلد : 1 صفحه : 602
غير أن ابن الأثير بدلاً من أن يحدد الأسباب التي تجعل التشبيه مخفقاً، اكتفى بقوله إن " المعنى الصائب " يعز نقله عن طريق التشبيه.
البحث في الشعر ينحصر في انتزاع المعاني المبتدعة
وتظهر خطورة هذا المذهب النقدي على الشعر العربي جملة لا حين ننكر ان تكون القصيدة مجموعة مترابطة متنامية من الصور وحسب، بل حين نريدها حافلة بالمعاني المبتدعة، وإذا كان أبو تمام - وهو رب المعاني - لم يأت في حياته الشعرية بأكثر من عشرين معنى من هذا النوع، فمعنى ذلك أننا نطلب إلى الشاعر ان يحقق ما يلحق بالأعجاز، وبحق أدراك ابن الأثير انه كلما طالت القصيدة في الشعر العربي (كان تبلغ مئتي بيت أو ثلاثمائة) كان " الرديء " فيها كثيراً، وكان الجيد - الذي يريده ابن الأثير - قليلاً أو نادراً؛ وهذا الحكم صحيح إذا كنا لا نلتفت إلا إلى المعاني، ثم إلى المتفرد منها؛ ومن باب خفي يشير ابن الأثير إلى أن هذا هو السر في أن العرب ليست لديهم ملحمة مثل كتاب الشاهنامه " وهو ستون ألف بيت من الشعر يشتمل على تاريخ الفس، وهو قرآن القوم، وقد أجمع القوم وفصحاؤهم على انه ليس في لغتهم أفصح منه، وهذا لا يوجد في اللغة العربية على اتساعها وتشعب فنونها وأغراضها " [1] وفي هذا تجاوز كبير، فلو ان ابن الأثير حاكم الشاهنامة إلى قاعدة " المعنى " لحكم بان الإطالة لا تعني ابتكار المعاني أيضاً، ولكنه استعمل هنا مقياسين متفاوتين.
غير أن التظاهر بالدقة الإحصائية والكلف بالمعنى، وهما ظاهرتان متلازمتان في نقد ابن الأثير، لم يحولا بينه وبين مبارحتهما حين كان يرخي العنان لطبيعته الحقيقية. [1] المثل السائر 4: 12.
نام کتاب : تاريخ النقد الأدبي عند العرب نویسنده : إحسان عباس جلد : 1 صفحه : 602