responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تاريخ النقد الأدبي عند العرب نویسنده : إحسان عباس    جلد : 1  صفحه : 604
ويعلق عليه بقوله " ولقد صدق في قوله هذا وما قال إلا حقاً " [1] .
التعلق بالمعنى لم يستطع إخفاء التعبد للفظ
ولم يكن احتفاله الكثير بالمعنى ليخفي حقيقة هامة، وهي أن مارته - من حيث هو أديب - تعتمد على شيء كبير من البراعة اللفظية، ولهذا فإن جميع ما عبر به عن إعجابه بالمعنى لا يبلغ مستوى تعبيره الذي صور به شغفه باللفظ حين قال: " وكنت إذا مررت بنظري في ديوان من الدواوين ويلوح لي فيه مثل هذه الألفاظ أجد لها نشوة كنشوة الخمر وطرباً كطرب الألحان " [2] . والعلاقة بين ابن الأثير الناقد والألفاظ تحتاج تحديداً ادق، فقد كانت الألفاظ تتمثل في نفسه مخلوقات وتماثيل " فالألفاظ الجزلة تتخيل في السمع كأشخاص عليها مهابة ووقار، والألفاظ الرقيقة تتخيل كأشخاص ذوي دماثة ولين أخلاق ولطف مزاج، ولهذا ترى ألفاظ أبي تمام كأنها رجال قد ركبوا خيولهم، واستلأموا سلاحهم وتأهبوا لطراد، وترى الألفاظ البحتري كأنها نساء حسان عليهن غلائل مصبغات وقد تحلين بأصناف الحلي " [3] : ومن الأنصاف أن نقول هنا، أن ابن الأثير لا ينفك - في هذا المقام - يرى المعنى مجسداً من خلال اللفظ، فيسبغ صورته على اللفظ، وإلا فإن الألفاظ لا يمكن أن تتصور كما وصفها، وإنما هذه صورة عامة مستمدة من التآلف بين المعنى واللفظ لدى أبي تمام والبحتري، صورة مستمدة من الموسيقى ومن الكيان الكلي للمنهج العام الذي يؤثره الشاعر في فنه. غير أن هذا لا ينفي ان أبن الأثير ذو حساسية تبلغ حد المرض نحو طبيعة اللفظة نفسها - كان حضري المزاج يكره " وحشي الألفاظ وشظف العبارات " [4] ، وكان " متنوفاً " في هذا الذوق، شديد الوسواس إذا

[1] الاستدراك: 57.
[2] المثل السائر 1: 98.
[3] المثل السائر 1: 252.
[4] المثل السائر 1: 248.
نام کتاب : تاريخ النقد الأدبي عند العرب نویسنده : إحسان عباس    جلد : 1  صفحه : 604
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست