نام کتاب : تاريخ النقد الأدبي عند العرب نویسنده : إحسان عباس جلد : 1 صفحه : 607
لأنه لا ضرورة له في السياق؛ وقد امتحن هذا الناقد قصيدة من اختيار أبي تمام ترك جانباً منها واثبت جانباً، فرأى ان المتروك يدل على سلامة الذوق لدى أبي تمام الناقد، لان ما أثبته من القصيدة يغني عما تركه، وهو الأجمل في القسمين؛ وتحكمت به ملكة الإحصاء أيضاً هنا، فعد في الحماسة أبياتاً تبلغ خمسمائة بيت، كان نفيها ضرورياً، وكان يريد ان يجمعها ويبين نزولها عن درجة الشعر الذي تضمنته الحماسة لولا انه خاف التطويل [1] .
ولو مضينا نتتبع هجمات ابن الأثير على أصحاب البيان والنقد لسردنا أمثلة عديدة أخرى؛ كان الرجل على قسط غير قللي من حدة الطبع في معالجته للشعر والنثر او في تعليقه على الأشخاص، ولكنه اكثر النقاد إلحاحاً على المعنى وربما كان أوضحهم استعمالاً للطريقة الإحصائية في النقد، وأشدهم جرأة في النقد التطبيقي، لا على البيت المفرد، بل على القصيدة كاملة، وتلك تفرد منهجه النقدي، وهو منهج يشتمل على كثير من المحاذير والأخطار [2] .
تفرد ابن الأثير بسبب ضآلة من حوله
لقد اقترن نقد ابن الأثير بقوة شخصيته فلهذا تميز عمن مارس النقد في هذه الفترة في مصر والشام والعراق، إذ كان أكثر النقاد سواه إما أن يقفوا عند حدود المحاولات الجزئية أو يكتفوا بجمع الشواهد للمصطلح البلاغي، فإن أراد أحدهم التفرد وسع من نطاق ذلك المصطلح. ولهذا يتضح مدى تفرد ابن الأثير بمقارنته بمن حوله؛ وتتميز شجاعته في إبداء [1] الاستدراك: 18 - 24. [2] لعله قد اتضح للقارئ كثير من هذه المحاذير مثل: بخس الصورة حقها، وعدم الاهتمام بالروابط النفسية أو الفنية في القصيدة، وتحكيم الإحصاء فيه لا ينفع فيه الإحصاء وغير ذلك؟.
نام کتاب : تاريخ النقد الأدبي عند العرب نویسنده : إحسان عباس جلد : 1 صفحه : 607