نام کتاب : تزيين الأسواق في أخبار العشاق نویسنده : الأنطاكي، داود جلد : 1 صفحه : 169
هذا لا يحسن على اطلاقه إلا بعد تحقيق وثاقه وهو أن يكون للمحبة أمل وإنما ضعف بالملازمة وإلا فالبعد مع عدم ذلك غاية مطلوبه وصفة محبوبه.
القسم الثالث
الهجر المعروف بهجر الجزاء والمعاقبة
هو هجر سببه وقوع في ذنب ولو خطأ وعلامته قبول الأوبه عند صدق التوبة وعلاجه تصديق الحبيب في دعواه والنزول على حكمه والرضا بما يهواه والاعتراف بالذنب وإن لم يكن صدر والطلب العفو ممن قدر وإلى هذا المشرب وسلوك هذا المأرب أشار سيدي عمر بن الفارض رضي الله عنه بقوله:
عبد رق مارق يوماً لعتق ... لو تخليت عنه ما خلاكا
فقد حقق في هذا الباب أن لا محيص له عن هذا الجناب وأنه يطلبه بكل حال لا ينحيه عنه في سائر الأحوال سوى طلب أو منع أو جلب أو دفع ثم دل على صدق كلامه وانعقاد قلبه على مطاوعته في مرامه فقال:
وبما شئت في هواك أختبرتني ... فاختياري ما كان فيه رضاك
ثم ارتفع عن هذه المرتبة ايضاحاً لمراتب السالكين ودلالة على التنقل الموصل للناسكين حيث قال:
وقد صرت مستدع قضاك وما به ... رضاك ولا أختار تأخير مدتي
فإنه أبلغ من قوله:
وإن هددوا بالهجر مانوا مخافة ... وإن أوعدوا بالقتل حنوا إلى القتل
خلافاً لبعض الشراح لعموم ما في الأول بالنسبة إلى هذا وبيانه يستدعي طولاً وأما قوله:
وما غدرت في الحب إذ هدرت دمي ... بشرع الهوى لكن وفت إذ توفت
فاصرح من جميع ذلك فيما نحن فيه بل ربما تمشى على القسم الأول أو هو له حقيقة.
الهجر الرابع الهجر الخلقي
وسماه بعض الصوفية الأزلي يقال أن الجنيد رضي الله عنه فسر قوله صلى الله عليه وسلم الأرواح جنود مجندة فما تعارف منها ائتلف وما تناكر منها اختلف بأن الله حيث أخرج عالم الذر جعله في كفه ثم أخذ العهد عليه ثم بذره فوقع بعضه متقابلاً وهؤلاء هم المشتركون في نسب أوجبت الصحبة وحققت المحبة وتدابر الآخر فحقت بين أفراده المقاطعة وجبلوا على الممانعة وهذا التقابل والتدابر يجوز حله على حقيقته ويجوز أن يراد به أمر معنوي غايته الاختلاف وأسباب هذا كثيرة أعظمها عند المتمسكين بالشرائع اختلاف الأديان وعند مطلق العالم يستند إلى الارادة الالهية حيث صرح بعجز أكمل مخلوقاته وعين أعيان سر صفاته عن قيام الناموس بدونها فقال عز وجل من قائل " لو أنفقت ما في الأرض جميعاً الآية " وهذا القسم والذي قبله لا تعلق للعشاق بهما على ما اخترناه وبعضهم يرى أن الثلاثة الأول من متعلقات العشق ويجمع بين الكلامين بتفاوت المراتب فإن من بلغ إلى قول الاستاذ رضي الله عنه وكل الذي ترضاه البيت لم يكن القسم الثاني فضلاً عن الثالث مكن متعلقاته وإذا عرفت ما قررناه ثبت عندك أن هذا القسم لا علاج له أصلاً إلا بالارادة الالهية ثم الهجر من المحب الصادق قد يؤل الأمر فيه بالعاشق إلى أن يخرج كلامه مخرج الدعاء عليه ويكون في الحقيقة ثناء لديه وقد يستخير عند تمادي الهجر وحكم الغرام حلول رمسه فيجعل ذلك الدعاء على نفسه وألطف ما سطر في الأول وعليه عند الظرفاء يعول قول الشاب الظريف المعروف بابن العفيف.
أعز الله أنصار العيون ... وخلد ملك هاتيك الجفون
وضاعف بالفتور لها اقتداراً ... وإن تك أضعفت عقلي وديني
وخلد دولة الأعطاف فينا ... وإن ثنت الفؤاد إلى الشجون
وأسبغ ظل ذاك السعد يوماً ... على قدّ به هيف الغصون
وصان حجاب هاتيك الثنايا ... وإن جارت على الفذ الطعين
وقال أيضاً:
أدام الله أيام الوصال ... وخلد عمر هاتيك الليالي
وأسبغ ظل أغصان التداني ... وزاد قدودها حسن اعتدال
ولا زالت ثمار الأنس تجني ... تزيد لطافة في كل حال
ولا برحت لنا فيها عيون ... تغازل مقلتي خشف الغزال
وقال آخر:
يا رب إن قدرته لمقبل ... غيري فللمسواك أو للأكؤس
وإذا قضيت لنا بصحبة ثالث ... يا رب فليك شمعة في المجلس
وإذا حكمت لنا بعين مراقب ... يا رب فلتك من عيون النرجس
وقال شهاب الدين بن العائم:
نام کتاب : تزيين الأسواق في أخبار العشاق نویسنده : الأنطاكي، داود جلد : 1 صفحه : 169