نام کتاب : جمهرة خطب العرب في عصور العربية الزاهرة نویسنده : أحمد زكي صفوت جلد : 1 صفحه : 198
أهلها، وإذا قدمت على جندك فأحسن صحبتهم وابدأهم بالخير، وعدهم إياه، وإذا وعظتهم فأوجز؛ فإن كثير الكلام ينسي بعضه بعضًا، وأصلح نفسك يصلح لك الناس، وصل الصلوات لأوقاتها بإتمام ركوعها وسجودها والتخشع فيها، وإ ذا قدم عليك رسل عدوك فأكرمهم وأقلل لبثهم حتى يخرجوا من عسكرك وهم جاهلون به، ولا تريثهم[1] فيروا خللك، ويعلموا علمك، وأنزلهم في ثروة عسكرك، وامنع من قبلك من محادثتهم، وكن أنت المتولي لكلامهم، ولا تجعل سرك لعلانيتك؛ فيختلط أمرك، وإذا استشرت فاصدق الحديث تصدق المشورة، ولا تخزن عن المشير خبرك، فتؤتى من قبل نفسك، واسمر بالليل في أصحابك تأتك الأخبار، وتنكشف عندك الأستار، وأكثر حرسك وبددهم في عسكرك، وأكثر مفاجأتهم في محارسهم بغير علم منهم بك، فمن وجدته غفل عن محرسه؛ فأحسن أدبه وعاقبه في غير إفراط، وعقب[2] بينهم بالليل، واجعل النوبة الأولى أطول من الأخيرة؛ فإنها أيسرهما لقربها من النهار، ولا تخف من عقوبة المستحق، ولا تلجن فيها، ولا تسرع إليها، ولا تخذ لها مدقعًا[3]، ولا تغفل عن أهل عسكرك فتفسده، ولا تجسس عليهم فتفضحهم، ولا يكشف الناس عن أسرارهم، واكتف بعلانيتهم، ولا تجالس العباثين وجالس أهل الصدق والوفاء، واصدق اللقاء، ولا تجبن فيجبن الناس، واجتنب الغلول[4]؛ فإنه يقرب الفقر، ويدفع النصر، وستجدون أقوامًا حبسوا أنفسهم في الصوامع، فدعهم وما حبسوا أنفسهم له".
"تاريخ الكامل لابن الأثير[2]: 196". [1] من الريث: وهو الإبطاء. [2] عقبه تعقيبًا: جاء بعقبه. [3] لا تخذ: من خذا يخذو كنصر وخذي يخذي كرضي إذا استرخى، والمدقع: الملصق بالدقعاء أو الهارب أو أشد الهزلى هزالًا، أي ولا تضعف، ولا تجبن أمام تنفيذ العقوبة وهو مقابل لقوله: ولا تسرع إليها. [4] غل غلولًا: خان.
نام کتاب : جمهرة خطب العرب في عصور العربية الزاهرة نویسنده : أحمد زكي صفوت جلد : 1 صفحه : 198