نام کتاب : جمهرة خطب العرب في عصور العربية الزاهرة نویسنده : أحمد زكي صفوت جلد : 1 صفحه : 54
وأما اليمن التي وصفها الملك؛ فإنما أتى جد الملك إليها الذي[1] أتاه، عند غلبة الحبش له، على ملك متسق، وأمر مجتمع؛ فأتاه مسلوبًا طريدًا مستصرخًا، ولولا ما وتر به من يليه من العرب؛ لمال إلى مجال، ولوجد من يجيد الطعان، ويغضب للأحرار من غلبة العبيد الأشرار".
فعجب كسرى لما أجابه النعمان به، وقال: إنك لأهل لموضعك من الرياسة في أهل إقليمك، ثم كساه من كسوته، وسرحه إلى موضعه من الحيرة.
فلما قدم النعمان الحيرة، وفي نفسه ما فيها مما سمع من كسرى من تنقص العرب وتهجين[2] أمرهم، بعث إلى أكثم بن صيفي، وحاجب بن زرارة التميميين، وإلى الحارث بن عباد، وقيس بن مسعود البكريين، وإلى خالد بن جعفر، وعلقمة بن علاثة، وعامر بن الطفيل العامريين، وإلى عمرو بن الشريد السلمي، وعمرو بن معد يكرب الزبيدي، والحارث بن ظالم المرى؛ فلما قدموا عليه في الخورنق، قال لهم: قد عرفتم هذه الأعاجم، وقرب جوار العرب منها، وقد سمعت من كسرى مقالات، تخوفت أن يكون لها غور، أو يكون إنما أظهرها لأمر أراد أن يتخذ به العرب خولًا، كبعض طماطمته[3]، في تأديتهم الخراج إليه[4]، كما يفعل بملوك الأمم الذي حوله؛ فاقتص عليهم مقالات كسرى، وما رد عليه؛ فقالوا: أيها الملك، وفقك الله! ما أحسن ما رردت! وأبلغ ما حججته به! فمرنا بأمرك، وادعنا إلى ما شئت. قال: إنما أنا رجل منكم، وإنما ملكت وعززت بمكانكم، وما تخوف من ناحيتكم، وليس شيء أحب إلي مما سدد الله به أمركم، وأصلح به شأنكم، وأدام به عزكم، والرأى أن تسيروا بجماعتكم أيها الرهط، وتنطلقوا إلى كسرى؛ فإذا دخلتم نطق كل رجل منكم [1] هو سيف بن ذي يزن. [2] تقبيح واستهجان، والهجنة من الكلام: ما يعيبه. [3] رجل طمطم "بكسر الطامين" وطمطماني "بضمهما": في لسانه عجمه. [4] كان الفرس يعفون عرب الحيرة من دفع الأتاوة مقابل أن يقوموا بحمايتهم من كل غارة من نواحيهم.
نام کتاب : جمهرة خطب العرب في عصور العربية الزاهرة نویسنده : أحمد زكي صفوت جلد : 1 صفحه : 54