نام کتاب : جواهر البلاغة في المعاني والبيان والبديع نویسنده : الهاشمي، أحمد جلد : 1 صفحه : 264
المبحث السابع في الاستعارة باعتبار اللفظ المستعار
(1) إذا كان اللفظ المستعار «اسما جامداً لذاتٍ» كالبدر: إذا استعير للجميل «أو اسماً جامداً لمعنى» كالقتل: إذا استعير للضرب الشديد، سميت الاستعارة «أصلية في كل من التصريحيةوالمكنية» كقوله عالى (كتاب انزلناه إليك لتخرج الناس من الظلمات إلى النور) (1)
وكقوله تعالى (واخفض لهما جناح الذل من الرحمة) (2)
وسميت أصلية: لعدم بنائها على تشبيه تابع لتشبيه آخر معتبر أولاً كقول البحتري:
يودون التحية من بعيد إلى قمر من الإيوان باد
(2) وإذا كان اللفظ المُستعار «فعلاً» (3)
أو اسم فعلٍ، أو اسما سنقا أو اسما مبهماً أو حرفا فالاستعارة «تصريحية تبعية» نحو: نامت همومي عنّي، ونحو: صهٍ: الموضوع للسكوت عن الكلام، والمستعمل مجازاً في ترك الفعل، ونحو: الجندي قاتل اللص، بمعنى ضاربه ضرباً شديداً، ونحو: هذا: الموضوعة للاشارة الحسية، والمستعملة مجازاً في الاشارة العقلية نحو: هذا رأى حسن، ونحو: قوله تعالى (ولأصلبنكم في جذوع النخل) ونحو: قوله تعالى (فالتقطه آل فرعون ليكون لهم عدواً وحزنا)
(1) يقال في إجراء الاستعارة في الآية الأولى - شبهت الضلالة بالظلمة، بجامع عدم الاهتداء في كل، واستعير اللفظ الدال على المشبه به، وهو الظلمة، للمشبه وهو الضلالة، على طريق الاستعارة التصريحية الأصلية.
(2) ويقال في إجراء الاستعارة في الآية الثانية 0- شبه الذل بطائر، واستعير لفظ المشبه به وهو الطائر، للمشبه وهو الذل - على طريق الاستعارة المكنية الأصلية ثم حذف الطائر، ورمز إليه بشيء من لوازمه، وهو الجناح.
(3) مثال الاستعارة التصريحية في الفعل، نطقت الحال بكذا - وتقريرها أن يقال: شبهت الدلالة الواضحة، بالنطق، بجامع إيضاح المعنى في كل، واستعير النطق للدلالة الواضحة، واشتق من النطق بمعنى الدلالة الواضحة نطقت بمعنى دلت، على سبيل الاستعارة التصريحية التبعية - ونحو: (يحيي الأرض بعد موتها) ، يقدر تشبيه تزيينها بالنبات ذي الخضرة والنضرة - بالأحياء بجامع الحسن أو النفع في كل - ويستعار الاحياء للتزيين، ويشتق من الاحياء بمعنى التزيين يحيى بمعنى يزين، استعارة تبعية لجريانها في الفعل تبعاً لجريانها في المصدر - هذا إذا كانت الاستعارة في الفعل باعتبار مدلول صيغته، أي (مادته وهو الحدث) وأما إذا كانت باعتبار مدلول (هيئته وهو الزمن) كما في قوله تعالى (أتى أمر الله) فتقريرها أن يقال: شبه الاتيان في المستقبل، بالاتيان في الماضي، بجامع تحقق الوقوع في كل، واستعير الاتيان في الماضي للاتيان في المستقبل واشتق منه اتى بمعنى يأتى، على سبيل الاستعارة التصريحية التبعية - ونحو (ونادى أصحاب الجنة) أي ينادي - شبه النداء في المستقبل، بالنداء في الماضي، بجامع تحقق الوقوع في كل، ثم استعير لفظ النداء في الماضي للنداء في المستقبل، ثم اشتق منه نادى بمعنى ينادى - ونحو قوله تعالى (من بعثنا من مرقدنا هذا) ان قدر المرقد للرقاد مستعاراً للموت، فالاستعارة أصلية، وإن قدر لمكان الرقاد مستعاراً للقبر، فالاستعارة تبعية لانها في اسم المكان، فلا يستعار المرقد للقبر إلا بعد استعارة الرقاد للموت - ومثال الاستعارة في اسم الفاعل، لزيد قاتل عمراًَ، إذا كان عمرو مضروباً ضرباً شديداً - وإجراء الاستعارة فيهما أن يقال: شبه الضرب الشديد بالقتل بجامع شدة الايذاء في كل واستعير اسم المشبه به للمشبة، واشتق من القتل بمعنى الضرب الشديد قاتل أو مقتول، بمعنى ضارب أو مضروب، على سبيل الاستعارة التصريحية التبعية - ومثالها في الصفة المشبهة - هذا حسن الوجه، مشيراً إلى قبيحه - وإجراء الاستعارة فيه أن يقال - شبه القبح، بالحسن، بجامع تأثر النفس في كل، واستعير الحسن للقبح تقديراً، واشتق من الحسن بمعنى القبح حسن بمعنى قبيح، على سبيل الاستعارة التصريحية التبعية التهكمية ومثال الاستعارة في أفعل التفضيل - هذا أقتل لعبيده من زيد - أي أشد ضرباً لهم منه - ومثال اسم الزمان والمكان - هذا مقتل زيد - مشيراً إلى مكان ضربه أو زمانه - ومثال اسم الآلة - هذا مفتاح الملك: مشيراً إلى وزيره، واجراؤها أن يقال - شبهت الوزارة بالفتح للابواب المغلقة، بجامع التوسل إلى المقصود في كل، واستعير الفتح للوزارة، واشتق منه مفتاح بمعنى وزير - ومثال اسم الفعل المشتق - نزال، بمعنى انزل تريد به أبعد فتقول شبه معنى البعد، بمعنى النزول، بجامع مطلق المفارقة في كل واستعير لفظ النزول لمعنى البعد، واشتق منه نزال بمعنى أبعد - ومثال اسم الفعل غير لمشتق «صه» بمعنى اسكت عن الكلام، تريد به اترك فعل كذا - فتقول شبه ترك الفعل، بمعنى السكوت، واستعير لفظ السكوت لمعنى ترك الفعل، واشتق منه اسكت بمعنى اترك الفعل - وعبر بدل اسكت بصه - ومثال المصغر «رجيل» لمتعاطى ما لا يليق - ومثال المنسوب «قرشي» للمتخلق بأخلاق قريش وليس منهم، ومثال الاستعارة في الحرف قوله تعالى (فالتقطه آل فرعون ليكون لهم عدواً وحزناً) واجراؤها أن يقال شبهت المحبة والتبنى، بالعداوة والحزن واللذين هما العلة الغائية للالتقاط بجامع مطلق الترتب، واستعيرت اللام من المشبه به للمشبه على طريق الاستعارة التصريحية التبعية، واعلم أن اللام لم تستعمل في معناها الأصلي وهو العلة، لأن علة التقاطهم له ان يكون لهم ابنا، وانما استعملت مجازاً (لعاقبة الالتقاط) وهي كونه لهم عدواً، فاستعيرت العلة للعاقبة، بجامع أن كلا منهما مترتب على الالتقاط، ثم استعيرت اللام تبعا لاستعارتها، فالمستعار منه العلة، والمستعار له العاقبة، والترتب على الالتقاط هو الجامع، والقرينة على المجاز استحالة التقاط الطفل ليكون عدواً، وكقوله تعالى (ولأصلبنكم في جذوع النخل) واجراؤها أن يقال شبه مطلق استعلاء بمطلق ظرفية بجامع التمكن في كل، فسرى التشبيه من الكليين للجزئيات التي هي معاني الحروف فاستعير لفظ «في» الموضوع لكل جزئي من جزئيات الظرفية، لمعنى «على» على سبيل الاستعارة التصريحية التبعية - ومثال المكنية التبعية في الاسم المشتق يعجبني أراقة الضارب دم الباغي، واجراء الاستعارة أن يقال شبه الضرب الشديد بالقتل، بجامع الايذاء في كل، واستعير القتل للضرب الشديد، واشتق من القتل قاتل بمعنى ضارب ضربا شديداً، ثم حذف وأثبت له شيء من لوازمه وهو الاراقة على سبيل الاستعارة المكنية التبعية - ومثالها في الاسم المبهم قولك لجليسك المشغول عنك، أنت مطلوب منك أن تسير إلينا الآن - شبه مطلق مخاطب بمطلق غائب فسرى التشبيه للجزئيات واستعير الثاني للأول، ثم استعير بناء على ذلك ضمير الغائب للمخاطب، وحذف وذكر المخاطب، ورمز إلى المحذوف بذكر لازمه، وهو طلب السير منه إليك، واثباته له تخييل.
واعلم أن استعارة الاسماء المبهمة أعني الضمائر واسماء الاشارة والموصولات تبعية، لأنها ليست باسم جنس لا تحقيقاً ولا تأويلا - ولأنها لا تستقل بالمفهومية لأن معانيها لا تتم ولا تصلح لأن يحكم عليها بشيء ما لم تصحب تلك الألفاظ في الدلالة عليها ضميمة تتم بها - كالاشارة الحسية والصلة، والمرجع - فلابد أن تعتبر التشبيه أولا في كليات تلك المعاني الجزئية، ثم سريانه فيها لتبني عليه الاستعارة - مثلا في استعارة لفظ «هذا» لأمر معقول، يشبه المعقول المطلق في قبول التمييز بالمحسوس المطلق فيسرى التشبيه إلى الجزئيات فيستعار لفظ هذا من المحسوس الجزئي للمعقول الجزئي الذي سرى إليه التشبيه، فهي استعارة تبعية - والاستعارة في الضمير والموصول المؤنث - أو بموصولها عنه لشبهه بها، أو عكسه، فتشبه المذكر المطلق، بالمؤنث، كالتعبير عن المذكر بضمير المطلق، فيسرى التشبيه، فتستعير الضمير، أو الموصول، للجزء الخاص.
نام کتاب : جواهر البلاغة في المعاني والبيان والبديع نویسنده : الهاشمي، أحمد جلد : 1 صفحه : 264