نام کتاب : جواهر البلاغة في المعاني والبيان والبديع نویسنده : الهاشمي، أحمد جلد : 1 صفحه : 306
أي وكل ما هو أهون عليه فهو وأدخل تحت الامكان، فالاعادة ممكنة وسمى هذا النوع (بالمذهب الكلامي) لأنه جاء على طريقة (علم الكلام والتوحيد) وهو عبارة عن اثبات (أصول الدين) بالبراهين العقلية القاطعة.
(11) حسن التعليل
حسن التعليل [1] هو أن ينكر الأديب صراحة، أو ضمناً، علة الشيء المعروفة، ويأتي بعلة أخرى أدبية طريفة، لها اعتبار لطيف، ومشتملة على دقة النظر، بحيث تناسب الغرض الذي يرمى إليه، يعني أن الأديب: يدّعى لوصف علّةً مناسبة غير حقيقية، ولكن فيها حسن وطرافة، فيزداد بها المعنى المراد الذي يرمى إليه جمالا وشرفاً كقول المعري في الرثاء:
وما كُلفة البدر المنير قديمةٌ ولكنها في وجهه أثر اللطم
يقصد: أن الحزن على (المرثي) شمل كثيراً من مظاهر الكون، فهو لذلك: يدعى أن كلفة البدر (وهي ما يظهر على وجهه من كدرة) ليست ناشئة عن سبب طبيعي، وإنما هي حادثة من (أثر اللطم على فراق المرثي) ومثله قول الشاعر الآخر:
أما ذكاء فلم تصفر إذ جنحت إلا لفرقة ذاك المنظر الحسن
يقصد: أن الشمس لم تصفر عند الجنوح إلى المغيب للسبب المعروف ولكنها (اصفرت مخافة أن تفارق وجه الممدوح) - ومثله قول الشاعر الآخر:
ما قصَّر الغيث عن مصرِ وتربتها طبعاً ولكن تعدّاكم من الخجل
ولا جرى النِّيل إلا وهو معترف بسبقكم فلذا يجري على مهل
ينكر هذا الشاعر: الأسباب الطبيعية لقلة المطر بمصر، ويلتمس لذلك سبباً آخر: وهو (أن المطر يخجل أن ينزل بأرض يعمها فضل الممدوح جوده) لأنه لا يستطيع مباراته في الجود والعطاء، ولابد في العلة أن تكون ادعائية، ثم الوصف أعم من أن يكون ثابتا فيقصد بيان علته، وغير ثابت فيراد اثباته.
(أ) فالأول - وصف ثابت غير ظاهر العلة - كقوله:
بين السيوف وعينيها مشاركة من آجلها قيل للأجفان أجفان
وقوله - لم يحك نائلك السحاب وانما حُمَّت به فصبيبها الرحضاء (2) [1] من الأشياء ما له صفة ثابتة، ذات علة معروفة، أو غير معروفة: كزلزلة الأرض، وسقوط المطر من السحب، ومقاتلة الأعداء، وبزوغ القمر وأقواله، ونحو: ذلك، فيلتمس الأدباء لها عللا أخرى، فيها طرافة وحسن، يزداد بها المعنى الذي يريدون تقريره جمالاً وشرفاً، فحسن التعليل: هو استنباط علة مناسبة للشيء غير حقيقة، بحيث تكون على وجه لطيف بليغ، يحصل بها زيادة في المقصود.
(2) أي أن السحائب لا تقصد محاكاة جودك بمطرها لأن عطاءك المتتابع أكثر من مائها وأغزر، ولكنها حمت حسداً لك، فالماء الذي ينصب منها هو عرق تلك الحمى - فالرحضاء عرق الحمى.
وكقوله: لم يطلع البدر إلا من تشوقه إليك حتى يوافى وجهك النضرا
ولا تغيب إلا عند خجلته لما رآك فولى عنك واستترا
وكقوله: سألت الأرض لم كانت مصلى ولم جعلت لنا طهراً وطيبا
فقالت غير ناطقة لأني حويت لكل انسان حبيبا
وكقوله: عيون تبر كأنها سرقت سواد أحداقها من الغسق
فان دجا ليلها بظلمته تضمها خيفة من السرق
وكقوله: ما زلزلت مصر من يكد يراد بها وانما رقصت من عدله طربا
وكقوله: لا تنكروا خفقان قلبي والحبيب لدىّ حاضر
ما القلب إلا داره دقت له فيها البشائر
وكقوله: أرى بدر السماء يلوح حبنا ويبدو ثم يلتحف السحابا
... وذاك لأنه لما تبدى وابصر وجهك استحيا وغابا
وكقوله: لم تؤذن الدنيا به في صروفها يكون بكاء الطفل ساعة يولد
وكقوله: ولو لم تكن ساخطا لم أكن أذم الزمان وأشكو الخطوبا
وكقوله: قد طيب الأفواه طيب ثنائه من أجل ذا تجد الثغور عذابا
نام کتاب : جواهر البلاغة في المعاني والبيان والبديع نویسنده : الهاشمي، أحمد جلد : 1 صفحه : 306