نام کتاب : خصائص التراكيب دارسة تحليلية لمسائل علم المعاني نویسنده : محمد محمد أبو موسى جلد : 1 صفحه : 139
على إنسان، فإن الإقدام هنا مسند إلى الحق، والحق ليس فاعل الإقدام، وإنما هو داع إليه، فالإسناد إسناد مجازي والعلاقة السببية، ولكن الناس لم يستعملوا الإسناد الحقيقي في هذه الصيغة كما استعملوا الإسناد الحقيقي في مثل ربح الناس في تجارتهم، ومثله قول الشاعر: "من مجزوء الوافر"
وصيرني هواك وبي ... لحيني يضرب المثل
أراد أن هواك صيرني مثلا يضرب في هلاك المحبة، فأسند الفعل صيرني إلى هواك، والذي صيره ليس الهوى، وإنما الهوى سبب في هذه الصيرورة، ولم يعرف
في الاستعمال إسناد حقيقي لهذا التركيب.
ومثله قوله أبي نواس: "من مجزوء الوافر"
يزيد وجهه حسنا ... إذا ما زدته نظرا
أراد أن محاسن وجهه لا تتناهى، فكلما ازددت فيها تأملًا تكشفت لك من روائعه آيات من الحسن بعدها آيات، فأسند الزيادة إلى الوجه، الوجه ليس فاعلا زيادة الحسن للمتأمل، وإنما هو سبب هذه الزيادة، ولم يجر العرف باستعمال إسناد حقيقي لهذا التركيب، قال عبد القاهر: "واعلم أنه ليس بواجب في هذا أن يكون للفعل فاعل في التقدير أن أنت نقلت الفعل إليه عدت به إلى الحقيقة مثل أن تقول في: {فَمَا رَبِحَتْ تِجَارَتُهُمْ} ، ربحوا في تجارتهم، وفي: يحمي نساءنا ضرب نحمي نساءنا بضرب، فإن ذلك لا يأتي في كل شيء، ألا ترى أنه لا يمكنك أن تثبت للفعل -في قولك: أقدمني بلدك حق لي على إنسان فاعلا سوى- الحق، وكذلك لا تستطيع في قوله:
وصيرني هواك وبي ... لحيني يضرب المثل
وقوله:
يزيدك وجهه حسنا ... إذا ما زدته نظرًا
نام کتاب : خصائص التراكيب دارسة تحليلية لمسائل علم المعاني نویسنده : محمد محمد أبو موسى جلد : 1 صفحه : 139