نام کتاب : خصائص التراكيب دارسة تحليلية لمسائل علم المعاني نویسنده : محمد محمد أبو موسى جلد : 1 صفحه : 143
يكون أقدمني بلدك حق على فلان من أساليب الحقيقة، ويذهبون في ذلك مذاهب عديدة، وقد ضاق سعد الدين بهذا الشغب في هذه الحالة، وأوصى العلماء باختيار المثال الذي لا مجال فيه للمناقشة حتى لا تستنفد الجهود في هذه السراديب، وهذه هي المماحكات اللفظية التي كنت أعنيها حين قلت: إن الجهل بها لا يضر، وإن التبحر فيها لا ينفع، قلت: هذا وأنا ناظر لكلام سعد الدين حتى لا تتفرق بهذا العلم السبل، فتتفرق بيه عن سبيله.
أشرت إلى أن التجوز في الإسناد يلقي على الجملة ظلا من التلوين يخيل أن الفاعل المجازي قد جرت فيه استعارة، وأن السكاكي ذهب إلى هذا، فأنكر المجاز العقلي، ورجع به إلى الاستعارة المكنية، وذلك رغبة منه في تقليل الأقسام، وملخص توجيهه أنه يشبه الفاعل المجازي بالفاعل الحقيقي، ثم يدعي أن المشبه صار هو المشبه به، ثم يطلق لفظ المشبه الادعائي أي الذي ادعى أنه المشبه به على المشبه به، كما هو مذهبه في الاستعارة المكنية، فيقول في قولنا: أنبت الربيع البقل: أن الربيع مشبه بالحي القادر، ثم ادعى أن الربيع قادر مختار، ثم أطلق لفظ المشبه الادعائي أي الربيع الذي ادعى أنه قادر مختار على المشبه به أي الحي القادر، وكذلك يقول في قوله تعالى: {فَمَا رَبِحَتْ تِجَارَتُهُمْ} ، أنه شبه التجارة بالمشترين، ثم ادعى أن التجارة مشبه به، ثم أطلق لفظ المشبه الادعائي على المشبه به، وهكذا تنصرف نظرته عن الإسناد، ولا يرى فيه تجوزًا، وإنما التجوز كان في الفاعل الحقيقي، والذي دفعه إلى ذلك -كما قال- الرغبة في تقليل الأقسام، ولهذه الرغبة أيضا أنكر الاستعارة التبعية.
والرغبة في تقليل الأقسام أمر يحرص عليه كل باحث بشرط ألا يدفعنا ذلك إلى تجاهل الخصوصيات الواضحة التي تتميز بها الطرق المختلفة في أداء المعاني، والأبر بالأساليب أن ننظر في كل صورة بما يلائمها، وكثير من صور المجاز العقلي يطفئها جريانها على طريقة الاستعارة بالكناية، ألا تراك لو قلت في قول الفرزدق، سقاها خروق في المسامع: أنه شبه الخروق بالساقي تكون قد فسرت الشعر على غير مراده، وأجريته على غير طريقته؛ لأن الفرزدق لم
نام کتاب : خصائص التراكيب دارسة تحليلية لمسائل علم المعاني نویسنده : محمد محمد أبو موسى جلد : 1 صفحه : 143