نام کتاب : خصائص التراكيب دارسة تحليلية لمسائل علم المعاني نویسنده : محمد محمد أبو موسى جلد : 1 صفحه : 151
جهود سلف عبد القاهر؛ لأن البلاغة اليونانية قريبة جدًّا، وخاصة في هذه الفصول من البلاغة العربية.
وحسبنا في سياقنا هذا أن نشير إلى أن المجاز الحكمي لم يكن من ابتكارات عبد القاهر إلا عند من يعتقدون أنه لا يأخذ إلا من التراث اليوناني، أما الذين يصبرون على قراءة التراث الإسلامي، فإنهم يرون أن هذا المجاز كان موضع اهتمام جماعات العلماء، اهتم به النحاة والمتكلمون، والبلاغيون، واهتم به النحاة؛ لأن موضوعه الحكم الذي هو موضع الإثبات، والنفي في الجملة ومناط الفائدة فيها، واهتموا به أيضا؛ لأنه موضع العامل وسبيل الأعراب، واهتم به المتكلمون لاتصال صوره بموضوعين من مواضع الخلاف الهمة بينهم: إضافة إلى الأفعال غير الحسنة إلى الله تعالى مثل الختم، والغي والإضلال، وخلق أفعال العباد، وقد اجتهدت طوائف المتكلمين في مناقشة الآيات، والأحاديث التي تصادمت وجهتها في هاتين القضيتين، وكان بحثهم كثيرا ما ينصب على الإسناد وصرفه عن ظاهره، وذلك بين جدا، ولا بأس هنا من ذكر بعض البدايات في التراث الإسلامي التي لا يصح مع وجودها أن نقول: إن عبد القاهر ابتكر هذا الباب؛ لأنه ليس في البلاغة اليونانية.
قال سيبويه في قول الخنساء، وهو من أشهر شواهد هذا الباب عند عبد القاهر وغيره:
ترتع ما غفلت حتى إذا ادكرت ... فإنما هي إقبال وإدبار
فجعلها الإقبال والإدبار مجاز على سعة الكلام، كقولك: نهارك صائم، وليلك قائم، وهذا وارد في كلام عبد القاهر.
ويقول أبو زكريا الفراء في قوله تعالى: {فَمَا رَبِحَتْ تِجَارَتُهُمْ} ، وهي أيضا من الشواهد المهمة عند عبد القاهر "ربما قال القائل: كيف تربح التجارة، وإنما يربح الرجل التاجر؟ وذلك من كلام العرب: ربح بيعك، وخسر بيعك، فحسن القول بذلك؛ لأن الربح والخسران إنما يكونان في التجارة فعلم معناه، ومثله من كلام العرب: هذا ليل نائم، ومثله في كتاب
نام کتاب : خصائص التراكيب دارسة تحليلية لمسائل علم المعاني نویسنده : محمد محمد أبو موسى جلد : 1 صفحه : 151