نام کتاب : خصائص التراكيب دارسة تحليلية لمسائل علم المعاني نویسنده : محمد محمد أبو موسى جلد : 1 صفحه : 173
وهذا من حر الشعر ونادره، ورادعه وتفقده واستق منه؛ لأنه من نبع الشعر الصافي.
وعبد القاهر كما أشرت لم يحدد لنا تحديدا دقيقا السر البلاغي للحذف في هذه السياقات، ولكنه بحسه المرهف كان يتذوق حلاوة الحذف فيها ويستطعمه، ولا يعدو حديثه وصف هذا الذي يجده في نفسه، وراء هذه الخصوصية، بل إنه ليشعرك أنه لا يستطيع أيضا وصف ما في نفسه بدقة، ويطلب منك محاولة أن تحس الذي أحسه؛ لأنك لا تدرك قيمة ما يجده بالوصف، وإنما تدركه إذا ذقته وهذا صواب، ثم يرشدك إلى طريقة تعينك على إدراك هذا الأثر، وذلك بأن تذهب بهذه الخصوصية، وتذكر المحذوف، ثم تحاول أن تتعرف على ما تجده في نفسه، والأسلوب على الحالة الثانية، وفي ضوء هذه الموازنة تستطيع أن تتعرف آثار الحذف، يقول في ذلك:
"فتأمل الآن هذه الأبيات كلها واستقرها واحدًا واحدًا، وانظر إلى موقعها في نفسك، وإلى ما تجده من اللطف، والظرف إذا أنت مررت بموضع الحذف منها، ثم فليت النفس عما تجد وألطفت النظر فيما تحس به، ثم تكلف أن ترد ما حذف الشاعر، وأن تخرجه إلى لفظك وتوقعه في سمعك، فإنك تعلم أن الذي قلت كما قلت، وأن رب حذف هو قلادة الجيد وقاعدة التجويد".
وتأمل قوله: ثم فليت النفس عما تجد، وألطفت النظر فيما تحس به، وأحكمه؛ لأنه هو الطريق الذي به تتعلم، وتكتسب ذوق الشعر وأكرر لك هنا ما قلته في أبيات النابغة، وأقول لك هذا من حر الكلام، ونادره وراجعه وتفقده؛ لأنه من نبع العلم الصافي، واعلم أن الكلمة النادرة في العلم كالكلمة النادرة في الشعر.
ويذهب عبد القاهر في تناسي المحذوف، وإسقاطه مذهبا أبعد من من حذفه في اللفظ؛ لأنه يطلب منك أن تحذفه من نفسك، فلا تخطره بوهمك؛ لأن هذا الخطور يفسد مذاق العبارة.
عليك إذن حين تريد أن تتعرف على جمال الصياغة في هذا الأسلوب أن
نام کتاب : خصائص التراكيب دارسة تحليلية لمسائل علم المعاني نویسنده : محمد محمد أبو موسى جلد : 1 صفحه : 173