نام کتاب : خصائص التراكيب دارسة تحليلية لمسائل علم المعاني نویسنده : محمد محمد أبو موسى جلد : 1 صفحه : 274
هجاهم ورمى أمهم به، فحبسه عثمان بن عفان رضي الله عنه، وكان ضابئ شجاعا متهورا فيه طيش، هم بقتل عثمان لما حبسه، ولكنه لم يفعل وندم على أنه لم يفعل قال: "من الطويل"
هممت ولم أفعل وكدت وليتني ... تركت على عثمان تبكي حلائله
ومع حبي الشديد لذي النورين رضي الله عنه، ومقتي الشديد لمن تطاولوا عليه، فإني أحب هذه الصنعة اللطيفة البارعة في هذا البيت، وهذا اللمح السريع، والتقسيم الممتاز في قوله: هممت ولم أفعل، وكدت وليتني.
وأظن أن القارئ الجيد الذي يستشعر معنى الشعر لا بد له أن يقف قليلا بعد النطق بهممت ليدرك المدى الذي وصل إليه هم الشاعر، ثم يقف قليلا بعد: "ولم أفعل"، ليدرك مدى إحساسه بالندم الذي أفرغه في هذه الكلمة -لم أفعل- ثم ينطق وكدت نطقا منفردا غير موصول بما قبله، ولا بما بعده ليلمح ضراعة الأمل الذي يداعب خيال ضابئ، وهو يشارف الفعل ويدنو من الغاية، ثم عليه أن يقرأ بقية البيت في نفس واحد يطول طول ندم الشاعر على تولي تمنيه ... أرأيت أننا في الشعر نقف عند صنعته، وبراعته وتثقيفه، وإتقانه، مع أنه يعبر عن خاطر أسود نكرهه ونمقته، وهكذا كان علماؤنا ومنهم المفسرون والمحدثون، والفقهاء وهم جميعا أهل عبادة، وأصحاب أوراد.
ويذكر البلاغيون قول امرئ القيس:
نحن بما عندنا وأنت بما ... عندك راض والرأي مختلف
مثالا لحذف المسند من الجملة الأولى لدلالة الثانية عليه، إذ أصل الكلام نحن بما عندنا راضون وأنت بما عندك راض، وليس للحذف هنا فضيلة، فوق فضيلة الاختصار.
ومما لوحظ في بنائه خصوصية التقديم ليفيد معنى الاهتمام بالمقدر، ويؤكد
نام کتاب : خصائص التراكيب دارسة تحليلية لمسائل علم المعاني نویسنده : محمد محمد أبو موسى جلد : 1 صفحه : 274