نام کتاب : خصائص التراكيب دارسة تحليلية لمسائل علم المعاني نویسنده : محمد محمد أبو موسى جلد : 1 صفحه : 276
شأنها حفظ القائم يحرسه، ويصونه وهو تعبير جيد، ومثله: {مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ أُمَّةٌ قَائِمَةٌ} [1]، أي هي قائمة على أمر كتابها تحفظ شرائعه وحدوه، وكأنها في ذلك كالشخص القائم المنتصب اليقظ على الشيء يحرسه، ويصونه والمحذوف الذي هو كمن ليس كذلك هو المعبود بالباطل، وفي حذفه إشعار إهماله وازدرائه، والضن به على أن يذكر في مقابلة الحق -جل جلاله-.
ومثل هذا قوله تعالى: {أَفَمَنْ شَرَحَ اللَّهُ صَدْرَهُ لِلْإِسْلَامِ فَهُوَ عَلَى نُورٍ مِنْ رَبِّهِ فَوَيْلٌ لِلْقَاسِيَةِ قُلُوبُهُمْ} [2]، أي: أهذا خير أم من جعل صدره ضيقا حرجًا، فحذف الثاني ليفيد الحذف إهماله، وانظر قوله: {فَهُوَ عَلَى نُورٍ مِنْ رَبِّهِ} ، فإنها كلمة لا تجد لحسنها نهاية، وصاحبها لا يمشي على طريق منير فحسب، وإنما يمشي على نور، وهو نور يملأ القلب، ويتوهج في الضمير؛ لأنه نور من ربه، ولعل في الحذف هنا سرا آخر هو الرغبة في أن ينصرف الذهن إلى هذه الصورة ليمتلئ القلب بها، ولتبقى وحدها في التعبير لا تنازعها أخرى، ومثلها قوله تعالى: {أَمْ مَنْ هُوَ قَانِتٌ آنَاءَ اللَّيْلِ سَاجِدًا وَقَائِمًا يَحْذَرُ الْآخِرَةَ وَيَرْجُو رَحْمَةَ رَبِّهِ} [3]، أي كمن ليس كذلك.
ومن حذف المسند قوله تعالى: {أَفَمَنْ يَتَّقِي بِوَجْهِهِ سُوءَ الْعَذَابِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ} [4]، وأي: كمن ينعم في الجنة.
والحذف هنا مشعر بتعظيم المحذوف، وأنه أكرم على الله من أن يذكر في مقابلة هذا الشقي، وفيه أيضًا القصد إلى أن يتجه الهم كله إلى المذكور الذي يتقي بوجهه سوء العذاب ليمتلئ القلب بصورته، وهو في النار فزع طائش لا يدري كيف يدرأ العذاب عن نفسه، فهو يتقي بوجهه، والوجه تسوءه النار، والذي فيه نبضة من نفس، وعقل يتقي وجهه من النار، ولا يتقي بوجهه النار. [1] آل عمران: 113. [2] الزمر: 22. [3] الزمر: 9. [4] الزمر: 21.
نام کتاب : خصائص التراكيب دارسة تحليلية لمسائل علم المعاني نویسنده : محمد محمد أبو موسى جلد : 1 صفحه : 276