نام کتاب : خصائص التراكيب دارسة تحليلية لمسائل علم المعاني نویسنده : محمد محمد أبو موسى جلد : 1 صفحه : 367
وقد قلنا في مثله: إنه لا مانع من أن يكون التقديم للاختصاص، ولهذه الفضيلة السجعية، ومما لوحظ أن ابن الأثير في هذه الآية يهاجم الزمخشري هجوما خفيا فيقول: في القول بأن تقديم الجحيم، وهو النار العظيمة على قوله: صلوه لأجل الاختصاص، وهو رأي الزمخشري كما قدمنا، بقول: "إنه لا يذهب إليه إلا من هو بنجوة عن رموز الفصاحة والبلاغة"، وغفر الله لابن الأثير، فلم يكن الزمخشري بنجوة من رموز الفصاحة والبلاغة، واقتباسات ابن الأثير من الكشاف التي كتم خبر مصدرها، وأوهم أنها من اجتهاداته شاهد على ذلك.
أما تقديم بعض المتعلقات على بعض، فإنه يجري على نسق دقيق من مراقبة المعاني، ومتابعة الأحوال هو متشعب النواحي متعدد الأصول، وحسبنا هنا أن نيشير إلى ما يكشف لنا شيئا من جلال الأساليب في هذا الباب مقتبسين من كلام الزمخشري، والعلوي.
فمن الأسس التي بنى عليها ترتيب المتعلقات أنهم يقدمون منها ما هو أوثق صلة بغرض الكلام وسياقه، انظر إلى قوله -تعالى-: {وَلَا تَقْتُلُوا أَوْلَادَكُمْ مِنْ إِمْلَاقٍ نَحْنُ نَرْزُقُكُمْ وَإِيَّاهُمْ} [1]، وقوله في آية أخرى: {وَلَا تَقْتُلُوا أَوْلَادَكُمْ خَشْيَةَ إِمْلَاقٍ نَحْنُ نَرْزُقُهُمْ وَإِيَّاكُمْ} [2]، قال في الأولى: نرزقكم وإياهم، فقدم ضمير المخاطبين على الأولاد، وقال في الثانية: نحن نرزقهم وإياكم فقدم ضمير الأولاد على المخاطبين، وذلك؛ لأن الخطاب في الأولى للفقراء بدليل قوله: من إملاق المفيد أنهم في إملاق، فكان رزقهم أهم عندهم من رزق أولادهم؛ لأنهم في حاجة إليه الآن، فقدم الوعد برزقهم على الوعد برزق أولادهم، والخطاب في الثانية للأغنياء بدليل قوله: خشية إملاق فإن الخشية إنما تكون من أمر لم يقع، فكان رزق أولادهم في هذا [1] الأنعام: 151. [2] الإسراء: 31.
نام کتاب : خصائص التراكيب دارسة تحليلية لمسائل علم المعاني نویسنده : محمد محمد أبو موسى جلد : 1 صفحه : 367