نام کتاب : خصائص التراكيب دارسة تحليلية لمسائل علم المعاني نویسنده : محمد محمد أبو موسى جلد : 1 صفحه : 87
عبد القاهر، أن الجواب يؤكد إذا وقع على خلاف ظن المخاطب؛ لأن مجرد التردد يحتاج إلى حسم بالتوكيد، هذا كله كما قلنا: يكون المخاطب فيه غير متردد، ولكنه يجعل في صياغة الكلام كأنه متردد؛ لأن الكلام السابق فيه ما يثير تساؤلًا حتى كأن النفس اليقظى، والفهم المتسارع يكاد ذلك ويلتفت إليه، كما يقول العلامة سعد الدين.
وقد ينزل المنكر منزلة غير المنكر لعدم الاعتداد بإنكاره؛ لأنه ليس له دليل عليه، ولو أنصف، ونظر نظرة متأنية لعدل عن هذا الإنكار.
الإنكار القائم في نفس المخاطب لم يلتفت إليه الأسلوب ولم يعبأ به، وساق الكلام كما يساق إلى النفس الخالية من الإنكار، وهذا مثل سابقه فن دقيق لا يهتدى إلى مسالكه إلا بصير بسياسة الكلام، ثم إن له أثره الغالب في النفس حين تجد الكلام الذي يواجه الرفض، والجحود خاليا من الاحتفال والتوكيد، خافت النبرة، هامسا بالحقيقة في غير جلجلة وضجيج، وتجد هذا في كتاب الله كثيرا جدا.
انظر قوله يخاطب المؤمنين والمنكرين: {يُسَبِّحُ لِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ الْمَلِكِ الْقُدُّوسِ الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ} [1] لا تجد في هذا الخبر العظيم الذي يفيد أن كل ما في السموات والأرض من ناطق، وصامت وجبال وبحار، وكواكب كل ذلك يسبح للملك القدوس، هذا خبر يرج النفوس رجا، ثم هو منكور عند الجاحدين، ولكن القرآن لم يعبأ بهذا، وساق الحقيقة الضخمة في هذا الهدوء الواثق الحكيم.
ومثله قوله تعالى: {تَنْزِيلُ الْكِتَابِ مِنَ اللَّهِ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ} [2]، وقوله: {لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَإِلَى اللَّهِ تُرْجَعُ الْأُمُورُ} 3، [1] الجمعة: 1. [2] غافر: 2.
3 الحديد: 5.
نام کتاب : خصائص التراكيب دارسة تحليلية لمسائل علم المعاني نویسنده : محمد محمد أبو موسى جلد : 1 صفحه : 87