نام کتاب : خصائص التراكيب دارسة تحليلية لمسائل علم المعاني نویسنده : محمد محمد أبو موسى جلد : 1 صفحه : 91
تلخص لنا من هذا أن التوكيد، والإرسال كليهما ناظر إلى حال المخاطب من الإنكار، وعدمه في الحالتين التحقيقية والاعتبارية، أي أن المتكلم ناظر إلى مخاطبه يصوغ عبارته على ما يقتضيه حاله الحقيقي أو الاعتباري.
وهناك ضروب من التوكيد لا ينظر فيها إلى حال المخاطب، وإنما ينظر فيها المتكلم إلى حال نفسه، ومدى انفعاله بهذه الحقائق، وحرصه على إذاعتها، وتقريرها في النفوس كما أحسها مقررة أكيدة في نفسه، وهذا اللون كثير جدا وله مذاقات حسنة.
انظر إلى قول الفرزدق يخاطب جريرا: "من المتكامل".
خالي الذي غصب الملوك نفوسهم ... وإليه كان جباء جفنة ينقل
إنا لنضرب رأس كل قبيلة ... أبوك خلف أتانه يتقمل
قوله: إنا لنضرب رأس كل قبيلة، لا يصح أن يقال: إنه فيه ملاحظ حال المخاطب؛ لأن ذلك ضعف في المعنى من حيث إنه يؤدي إلى أن هذه الحقيقة في تصور الشاعر يمكن أن تنكر، وأنه في حاجة إلى توكيدها عند من يلقيها إليه، والأنسب في هذا التوكيد أن الشاعر صاغه كما أحسه مؤكدًا مقررًا، وانظر إلى قوله: "أبوك خلف أتانه يتقمل"، وكيف واجه جريرا بما ينكره أشد الإنكار بهذا الأسلوب الخالي من التوكيد الموهم أنها حقيقة لا ينبغي لجرير أن ينكرها.
وانظر قول نهشل المازني: "من البسيط"
إنا بني نهشل لا ندعي لأب ... عنه ولا هو بالأبناء يشربنا
وقوله:
إنا لنرخص يوم الروع أنفسنا ... ولو نسام بها في الأمن أغلينا
وقوله:
إنا لمن معشر أفنى أوائلهم ... قيل الكمأة ألا أين المحامونا
نام کتاب : خصائص التراكيب دارسة تحليلية لمسائل علم المعاني نویسنده : محمد محمد أبو موسى جلد : 1 صفحه : 91