نام کتاب : خصائص التراكيب دارسة تحليلية لمسائل علم المعاني نویسنده : محمد محمد أبو موسى جلد : 1 صفحه : 95
فالمخاطب صلى الله عليه وسلم ليس في نفسه إثارة شك في هذا، ولكن التوكيد يهدف إلى زيادة تقرير المعنى في نفسه -صلى الله عليه وسلم- حتى يبلغ به عين اليقين، وفيه تعهد الإيمان الراسخ في يقينه -صلى الله عليه وسلم-، حتى ينهض بأثقال الدعوة، وهذا توجيه واضح لحملة الرسالة من بعده -صلى الله عليه وسلم، وأنهم في حاجة مستمرة إلى أن يعودوا إلى دواخل نفوسهم يزكون إيمانهم، ويطهرون يقينهم مما قد يعلق به من عوائد الجاهلية؛ لتظل قلوبهم نبعًا طاهرًا يمدهم بالثبات، والإيمان في المواجهات العنيدة بينهم، وبين ضلالات العصور، وظلمات المادة.
وتجد هذه الخصوصية تشيع في الأساليب التعليمية سواء كانت أدبية أو علمية، نقول: إن بحث التوكيد من البحوث الدقيقة، وأنه لذو فوائد جمة، وأنه لجدير بجد وجهد، فترد عباراتك مؤكدة؛ لأنك حريص على بث الفكرة، وتقويتها وإثارة اهتمام النفوس بها، وهكذا نجد أساليب العلماء تعلو نبرتها عند إرادة اللفت والإيقاظ، وتهيئة الذهن لما يلقون من مسائل، ومن مطالع فصولهم تلك العبارة المضيئة: اعلم وفقك الله أن الأمر كذا وكذا، وكان علماؤنا -رحمهم الله وألحقنا بهم كرامة، ونفس وقرة عين- لا يهتمون فقط ببيان المعرفة لأجيال الأمة، وإنما يهتمون أيضا بإقناعهم بها حتى لا يكونوا حملتها فقط، وإنما يكونون حملتها وحماتها، وكان طلب العلم ولا يزال بابا من أبواب الجهاد والمجاهدة، وهذا المعنى الذي يصير به طلاب العلم، وشيوخهم مجاهدين مرابطين على ثغور الأمة مشار إليه إشارة لماحة في سورة التوبة التي
ذكر فيها القتال، وذكر فيها مع القتال، وفي معمعة سياقه طلب العلم، فقد وقف السياق بعد ما بلغ الذروة في حض أهل الدين على ألا يختلفوا عن نصرة دين الله، ولا يرغبوا بأنفسهم عن نفسه صلوات الله وسلامه عليه، وقف السياق، وذكر الخروج في طلب العلم، وقال -سبحانه-:
نام کتاب : خصائص التراكيب دارسة تحليلية لمسائل علم المعاني نویسنده : محمد محمد أبو موسى جلد : 1 صفحه : 95