نام کتاب : رسالة الغفران نویسنده : المعري، أبو العلاء جلد : 1 صفحه : 113
وهذا يدل على أنَّهم لم يكونوا يحفلون بطرح الإعراب، فأمّا قول الرَّاجز:
إذا اعوججن قلت: صاحب قوِّم
في الدَّوِّ، أمثال السَّفين العوَّم فإنَّه من عجيب ما جاء، وقد بله قائله عن أن يقول: صاح قوِّم، فلا يكون بالوزن إخلالٌ، ولكنَّ الذين يحتجُّون له يزعمون أنَّه أراد أن يعادل بين الجزئين، لأنَّ قوله: حب قوِّم، في وزن قوله: نل عوَّم، وهذا يشبه ما ادَّعوه في قول الهذلي:
أبيت على معاري فاخرات ... بهنَّ ملوَّب كدم العباط
يزعم النّحويُّون أنَّ قوله: معاري، بفتح الياء، حمله عليه كراهه الزِّحاف، وهذا قولٌ ينتقض، لأنَّ في هذه الطائيَّة أبياتاً كثيرةً لا تخلو من زحافٍ، وكلُّ قصيدةٍ للعرب وغيرها على هذا القريِّ.
وكذلك قوله:
عرفت بأجدثٍ فنعاف عرقٍ ... علاماتٍ كتحبير النِّماط
فيه زحافان من هذا الجنس، ثمَّ يجيء في كلِّ الأبيات إلا أن يندر شيءٌ. وقد روي عن الأصمعيِّ أنَّه لم يسمع العرب تنشد إلا: أبيت على معارٍ، بالتّنوين، وهذا لا ينقض مذهب أصحاب القياس، إذا كانوا يروون عن أهل الفصاحة خلافه.
ويهكر، أزلفه الله مع الأبرار المتَّقين، لما سمع من تلك الحيَّة، فتقول هي: ألا تقيم عندنا برهةً من الدَّهر؟ فإنِّي إذا شئت انتفضث من إهابي فصرت مثل أحسن غواني الجنَّة، لو ترشَّفت رضابي لعلمت أنّه أفضل من الدِّرياقة التي ذكرها ابن مقبلٍ في قوله:
سقتني بصهباء درياقةٍ ... متى ما تليِّن عظامي تلن
ولو تنفَّست في وجهك لأعلمتك أنَّ صاحبة عنترة تفلةٌ صدوفٌ والصَّدوف:
نام کتاب : رسالة الغفران نویسنده : المعري، أبو العلاء جلد : 1 صفحه : 113