ظهر النبأ، لا ظلم اليوم إنَّ الله قد حكم بين العباد.
فيقول، أنطقه الله بكل فضل، إن شاء ربُّه أن يقول: أنا أقص عليك قصّتي: لما نهضت أنتفض من الرّيم، وحضرت حرصات القيامة، والحرصات مثل العرصات، أبدلت الحاء بالعين ذكرت الآية: " تعرج الملائكة والرُّوح إليه في يومٍ كان مقداره خمسين ألف سنةٍ، فاصبر صبراً جميلاً فطال علي الأمد، واشتد الظمأ والومد، والومد: شدَّة الحرِّ وسكوت الرّيح، كما قال أخوكم النّميري:
كأن بيض نعامٍ في ملاحفها ... جلاه طلٌّ وقيظ ليله ومد
وأنا رجل مهياف أي سريع العطش، فافتكرت فرأيت أمراً لا قوام لمثلي به. ولقيني الملك الحفيظ بما زبر من فعل الخير، وجدت حسناتي قليلة كالنُّفا في العام الأرمل والنفأ الرياض، والأرمل قليل المطر. إلا أن التوبة في آخرها كأنها مصباح أبيلٍ، رفع لسالك السبيل. فلمَّا أقمت في الموقف زهاء شهر أو شهرين، وخفت في العرق من الغرق، زينت لي النفس الكاذبة أن أنظم أبياتاً
مدح رضوان
في رضوان، خازن الجنان، عملتها في وزن:
قفا نبك من ذكرى حبيب وعرفان
ووسمتها برضوان. ثمّ ضانكت الناس حتى وقفت منه بحيث يسمع ويرى، فما حفل بي، ولا أظنّه أبه لما أقول.
فغبرت برهة، نحو عشرة أيام من أيّام الفانية، ثم عملت أبياتاً في وزن:
بان الخليط ولو طووعت ما بانا ... وقطَّعوا من حبال الوصل أقرانا
ووسمتها برضوان، ثمّ دنوت منه ففعلت كفعلي الأوَّل، فكأني أحرك ثبيراً، وألتمس من الغضرم عبيراً، والغضرم: تراب يشبه الجصَّ، فلم أزل أتتبع الأوزان التي يمكن أن يوسم بها رضوان حتى أفنيتها، وأنا لا أجد عنده