معك توراً، أي رسولاً إلى ابن أخي عليّ بن أبي طالبٍ، ليخاطب النبيَّ، صلّى الله عليه وسلَّم، في أمرك. فبعث معي رجلاً، فلمّا قصَّ قصتّي على أمير المؤمنين، قال: أين بيَّنتك؟ يعني صحيفة حسناتي. وكنت قد رأيت في المحشر شيخًا لنا كان يدرِّس النحو في الدار العاجلة، يعرف بأبي عليّ الفارسيّ، وقد امترس به قومٌ يطالبونه، ويقولون: تأوَّلت علينا وظلمتنا. فلمّا رآني أشار إليّ بيده، فجئته فإذا عنده طبقةٌ، منهم يزيد بن الحكم الكلابيُّ، وهو يقول: ويحك، أنشدت عني هذا البيت برفع الماء، يعني قوله:
فليت كفافاً كان شرُّك كلُّه، ... وخيرك عني ارتوى الماء مرتوي
ولم أقل إلاَّ الماء. وكذلك زعمت أنِّي فتحت الميم في قولي:
تبدَّل خليلاً بي، كشكلك شكله،
فإنّي خليلاً صالحا ًبك مقتوي وإنّما قلت: مقتوي بضمِّ الميم.
وإذا هناك راجزٌ يقول: تأوّلت عليّ أنّي قلت:
يا إبلي ما ذنبه فتأبيه؟ ... ماءٌ رواءٌ ونصيُّ حوليه
فحرَّكت الياء في تأبيه ووالله ما فعلت ولا غيري من العرب وإذا رجلٌ آخر يقول: ادّعيت عليَ أن الهاء راجعةٌ على الدَّرس في قولي:
هذا سراقة للقرآن يدرسه،
والمرء عند الرَّشا إن يلقها ذيب أفمجنونٌ أنا حتّى أعتقد ذلك؟
قاضي حلب
وإذا جماعةٌ من هذا الجنس كلُّهم يلومونه على تأويله. فقلت: يا قوم، إن هذه أمورٌ هيِّنةٌ، فلا تعتنوا هذا الشيخ، فإنّه يمتُّ بكتابه في القرآن المعروف بكتاب الحجَّة، وإنه ما سفك لكم دماً، ولا أحتجن عنكم مالاً، فتقرَّقوا عنه. وشغلت بخطابهم والنَّظر في حويرهم، فسقط منَّي الكتاب الذي فيه ذكر التَّوبة، فرجعت أطلبه فما وجدته، فأظهرت