بلبنٍ وخلّ، وغير ذلك، وهي تكون على ما يريدون. فإذا تكرَّرت بينهم قال أبو عثمان المازنيُّ لعبد الملك بن قريب الأصمعيّ: يا أبا سعيدٍ، ما وزن إوزَّة؟ فيقول الأصمعيُّ: ألي تعرِّض بهذا يا فصعل، وطال ما جئت مجلسي بالبصرة وأنت لا يرفع بك رأسٌ؟! وزن إوزَّةٍ في الموجود إفعلةٌ، ووزنا في الأصل إفعلةٌ. فيقول المازنيَّ: ما الدَّليل على أنّ الهمزة فيها زائدةٌ، وأنّها ليست بأصليَّةٍ ووزنها ليس فعلَّةً؟ فيقول الأصمعيُّ: أمَّا زيادة الهمزة في أوَّلها، فيدلُّ عليه قولهم وزُّ. فيقول أبو عثمان: ليس ذلك بدليلٍ على أنّ الهمزة زائدةٌ، لأنَّهم قد قالوا ناسٌ، واصله أناٌس، وميهةٌ لجدريِّ الغنم، وإنَّما هو أميهةٌ، فيقول الأصمعيُّ: أليس أصحابك من أهل القياس يزعمون أنَّها إفعلةٌ، وإذا بنوا من أوى اسماً على وزن إوزَّةٍ قالوا: إيَّاه؟ ولو أنَّها فعلَّةٌ قالوا: إويَّةٌ، ولو جاؤوا بها على إفعلةٍ، بسكون العين، قالوا: إييَّةٌ، والياء التي بعد الهمزة، وهي همزة أوى، جعلت ياءً لاجتماع الهمزتين، ولأنَّ قبلها مكسوراً وهي مفتوحةٌ. وإذا خففَّت همزة مئزرٍ، جعلتها ياءً خالصةً. فيقول المازنيُّ: تأوُّل من أصحابنا وادِّعاءٌ، لأنِّ إوزة لم يثبت أنَّ الهمزة فيها زائدةٌ. فيقول الأصمعيُّ:
ريَّشت جرهم نبلاً فرمى ... جر هماً منهنَّ فوقٌ وغرار
تبعتهم مستفيداً، ثمّ طعنت فيما قالوه معيداً، ما مثلك ومثلهم إلاّ كما قال الأوَّل:
أعلمِّه الرِّماية كلِّ يومٍ، ... فلمَّا أستد ساعده رماني
وينهض كالمغضب، ويفترق أهل ذلك المجلس وهم ناعمون. ويخلبو، لا أخلاه الله من الإحسان، بحوريّتين له من الحور العين، فإذا بهره ما يراه من الجمال