الضَّياون، فلمَّا أرهقتني تحوَّلت صلاً أرقم ودخلت في قطيلٍ هناك، فلمَّا علموا ذلك كشفوه عني، فلمَّا خفت القتل صرت ريحاً هفَّافةً فلحقت بالرَّوافد ونقضوا تلك الخشب والأجذال فلم يروا شيئاً. فجعلوا يتفكَّنون ويقولون: ليس هاهنا مكانٌ يمكن أن يستتر فيه. فبيناهم يتذاكرون ذلك عمدت لكعابهم في الكلَّة، فلمَّا رأتني أصابها الصَّرع، واجتمع أهلها من كلِّ أوبٍ، وجمعوا لها الرقاة، وجاؤوا بالأطبَّة وبذلوا المنفسات، فما ترك راقٍ رقيةً إلاَّ عرضها عليَّ وأنا لا أجيب، وغبرت الأساة تسقيها الأشفية وأنا سدكٌ بها لا أزول، فلمَّا أصابها الحمام طلبت لي سواها صاحبةً، ثمّ كذلك حتى رزق الله الإنابة وأثاب الجزيل، فلا أفتأ له من الحامدين:
حمدت من حطِّ أوزاري ومزَّقها
عنَّي، فأصبح ذنبي اليوم مغفوراً
وكنت آلف من أتراب قرطبة
خوداً، وبالصِّين أخرى بنت يغبورا
أزور تلك وهذي، غير مكترث
في ليلةٍ، قبل أن أستوضح النُّورا
ولا أمرُّ بوحشيٍّ ولا بشرٍ،
إلاّ وغادرته ولهان مذعورا
أروِّع الزِّنج إلماماً بنسوتها
والرُّوم والتُّرك والسِّقلاب والغورا
وأركب الهيق في الظَّلماء معتسفاً
أولا، فذبَّ ريادٍ بات مقرورا
وأحضر الشَّرب أعروهم بآبدةٍ
يزجون عوداً ومزماراً وطنبوراً
فلا أفارقهم حتَّى يكون لهم
فعلٌ، يظلُّ به إبليس مسرورا
وأصرف العدل ختلاً عن أمانته
حتى يخون، وحتى يشهد الزُّورا
وكم صرعت عواناً في لظى لهبٍ
قامت تمارس للأطفال مسجوراً
وذادني المرء نوحٌ عن سفينته،
ضرباً، إلى أن غدا الظُّنبوب مكسورا