نام کتاب : زهر الأكم في الأمثال والحكم نویسنده : اليوسي، نور الدين جلد : 1 صفحه : 55
فان قوله: إنّ السم مشروب مثل، وليس بمستقل، فهو كله غير مستحسن. ووجهه فيما يظهر لي ما تقدم من أن المثل إنّما نظم ليكون أيسر وأشهر. فإذا كان بيتا مستقلا حسن إنشاده من غير حشو هنالك ولا التباس؛ وإن كان شطرا تام الوزن، حسن أيضاً إنشاده وحده من غير حشو ولا فساد في النظم ولا خروج عن حكم الشعر؛ وإن كان جزءا غير تام الوزن فهو إن انشد البت المحتوى عليه كله كان ما زاد على المثل حشوا مع وقوع الالتباس تارة فيما أريد من البيت إذا لم يتعين المقصود، كما في قول النابغة: أي الرجال المهذب، فانه مثل وباقي البيت أيضاً مثل، وقد لا يدرى أيهما المراد بعينه، وإن كانا يرجعان إلى مقصود واحد. واكثر الأبيات يصح التمثيل بها فيقع الالتباس. وإن لم ينشد البيت كله، بل اقتصر على المثل وحده صار نثرا وبطلت فائدة نظمه. أما ما لا يتم من الأمثال في بيتين أو اكثر كما مر فهو من التام الوزن دون المعنى، وهو عيب التضمين. ويتقوى العيب بكون التضمين بين مبتدأ وخبر، وفعل وفاعل، ونحو ذلك. ويسهل بكونه بين الشرط والجزاء، أو بين القسم والجواب ونحوه. وتفصيله مذكور في علم القوافي.
ثانيهما أن يكون سالما عن التكلف سلسا، تستلذه الأسماع ليكون أوقع له في النفس وأعون على الشيوع. فان الشعر إذا كان متكلفا كان المنثور أحسن منه. وقد يكون التكلف بالإكثار من الأمثال في البيت الواحد أو في القصيدة، فان تعاطي الجمع بين أربعة أمثال في البيت لا يخلو عن تكلف، فضلا عن الخمسة والستة، وكذا في القصيدة. ولذلك قال أبن رشيد في عمدته: وهذه الأشياء في الشعر إنّما هي نبذة تستحسن، ونكت تستطرف، مع القلة وفي الندرة؛ فأما إذا كثرت فهي دالة على الكلفة. فلا يجب للشعر أن يكون مثلا كله وحكمة، كشعر صالح بن عبد القدوس: فقد قعد به عن أصحابه وهو يقدمهم في الصناعة، لإكثاره من ذلك. وكذا لا يجب أن يكون استعارة وبديعا كشعر أبي تمام ثم قال: وإنما هرب الحذاق عن هذه الأشياء لمّا تدعو إليه من
نام کتاب : زهر الأكم في الأمثال والحكم نویسنده : اليوسي، نور الدين جلد : 1 صفحه : 55