نام کتاب : سرور النفس بمدارك الحواس الخمس نویسنده : التيفاشي، أحمد بن يوسف جلد : 1 صفحه : 34
إبرازها كانت في عصر المؤلف علامة على الطريقة العقلية التي تحاول تفسير الظواهر وتعليلها، فإذا الزمن يحيلها إلى أشياء تشبه الأساطير إلا فيما ندر. والشعر الذي احتفل به مؤلف الكتاب، يتصل بموضوعات قلت العناية بها. ولا يستطيع أحد أن ينكر أن تلك القصائد والمقطعات التي قيلت في تعداد النجوم والمنازل، وفي تصوير تلك النجوم، كانت حينئذ علامة على تعمق الشاعر في النظر إلى الزواهر الكونية، وعلى جهده الفني في ابتكار صور جديدة، ولكن من ذا الذي يعبأ اليوم بكل تلك الصور أو يحاول أن يستكشف ما فيها من براعة: إن أحداً لا يكاد يذكر ذلك التفوق الذي أحرزه ابن طباطبا أو الشريف الموسوي على غيرهما من شعراء عصريهما، ومع ذلك فقد كانا هما وابن مسلمة الأموي وكثيرون آخرون مؤشراً على منتحى أدبي كامل، أهدرت فيه جهود كبيرة.
إن الشاعر يستغرقه عصره وتستغرقه التيارات السائدة فيه فلا يكاد يحس أنه خان رسالته الشعرية الصحيحة أو انحرف بوهم " الحداثة " عنها، وإذا به بعد انقضاء تلك التيارات يصبح جزءاً من تاريخ لا يحب أن يبعثه أحد، إلا شاهداً على ذلك الاستغراق.
فميزة " سرور النفس " أنه يحيي في أنفسنا موضوعاً عنه كثيراً، ويقدم لنا الشواهد عليه من مختلف العصور، وبخاصة عصر المؤلف نفسه، ويمثل حلقة هامة في سلسلة الكتب الأدبية، التي تقع موقعاً وسطاً بين المعرفة العلمية والتسلية بالمعرفة، ويكشف عن منجم كبير من الصور التي حاول الشعراء بها تقريب ظواهر الطبيعة إلى النفوس.
وقد كنت أحسب أن الكتاب استقصائي، لدى مقارنته بأشباهه في هذا المجال، ولكن تبين لي وأنا أراجع المصادر المختلفة بحثاً عن توثيق ما في الكتاب من مادة، أن " منجم الصور " المتصل بظواهر الطبيعة في شعرنا العربي يكاد لا يحصر، وقد أغراني ذلك بادئ الأمر باستدراك ما فات المؤلف، ثم عدلت عن المضي في هذا الطريق الطويل الذي لا يجد اليوم قبولاً كثيراً لدى القراء، وأكتفي بإحالة القراء إلى ما تناثر من شعر سيف الدين المشد - وهو معاصر للتيفاشي - وما حوى من صور كان يمكن للمؤلف أن يستشهد بها، وأن أذكر شاعراً لم يشر إليه المؤلف أبداً وأكثر شعره في وصف الهلال والنجوم والشمس، وذلك هو علي بن محمد بن أحمد بن حبيب [1] . [1] انظر ترجمته في البدر السافرن الورقة: 22 وهنالك تجد نماذج من شعره.
96 - شاعر [1] :
ياربَّ ليلِ سرورٍ خلتُهُ قِصَراً ... كعارضِ البرق في جنح الدجى برقا
قد كاد يعثُر أولاهُ بآخرِهِ ... وكاد يسبقُ منه فجره الشفقا
كأنما طَرَفاه طَرْفٌ اتفق ال ... جفنان منه على الإطراقِ وافترقا 97 - جعفر المصحفي [2] :
سألتُ نجومَ الليل هل ينقضي الدجى ... فخطَّتْ جواباً بالثريّا كخطّ لا
وكنت أرى بآخر ليلتي ... فأطرق حتى خلته عاد أوّلا 98 - كشاجم [3] :
وليلةٍ فيها قِصَرْ ... عشاؤها مع السَّحَرْ
صافيةٍ من الكدرْ ... في مثلها التذَّ السهر
تمحو إساءات القدَرْ ... وتترك الدهرَ أَغرّ 99 - علي بن أحمد الجوهري [4] :
يا ليل أفدي اختك البارحه ... ما كان أذكى ريحها الفائحة
كانت لنا خاتمةً لو درت ... وجدي بها كانت هي الفاتحة 100 - أبو بكر الخوارزمي [5] :
وكم ليلة لا أُعْلِمُ الدهر طولها ... مخافة أن يقتصَّ مني لها الدهر
سهاد ولكن دونه كل رقدة ... وليل ولكن دون اشراقه الفجر
وسكري هوى لو كان يحكيه لذةً ... من الخمر سكرٌ لم يكن حرم الخمر 101 - ابن طباطبا وهو أبلغ ما قيل: [1] نسبها للحاتمي في زهر الآداب: 300. [2] هو الحاجب أيام الحكم المستنصر ومنافس المنصور بن أبي عامر، توفي 372؛ انظر ترجمته في الحلة السيراء 1: 257 والمطمح: 4 والجذوة: 175؛ وشعره في تشبيهات الكناني: 20 والحلة السيراء 1: 259 والنفح 1: 604. [3] ديوان كشاجم: 257 (تحقيق خيرية محمد محفوظ، بغداد 1970) . [4] اليتيمة 4: 30. [5] اليتيمة 4: 211.
نام کتاب : سرور النفس بمدارك الحواس الخمس نویسنده : التيفاشي، أحمد بن يوسف جلد : 1 صفحه : 34